فكاك ابنك . فقال : أكلتني السباع حياًّ إن فارقتك .
قال : فأعط ابنك هذه البرود يستعين بها في فكاك أخيه ، فأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار .
قال الراوي : وبات الحسين عليه السلام وأصحابه تلك الليلة ولهم دويٌّ كدويّ النحل ، ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد ، فعبر إليهم في تلك الليلة من عسكر ابن سعد اثنان وثلاثون رجلاً .
قال : فلمّا كان الغداة أمر الحسين عليه السلام بفسطاطه فضرب وأمر بجفنة فيها مسك كثير وجعل فيها نورة ، ثمّ دخل ليطلي ، فروي : أنّ برير بن حصين الهمداني وعبدالرحمن بن عبد ربّه ۱الأنصاري وقفا على باب الفسطاط ليطليا بعده ، فجعل برير يضاحك عبد الرحمن ، فقال له عبدالرحمن : يا برير ، أتضحك؟! ما هذه ساعة ضحك ولا باطل .
فقال برير : لقد علم قومي أنّي ما أحببت الباطل كهلاً ولا شابّاً ، وإنّما أفعل ذلك استبشاراً بما نصير إليه ، فواللَّه ، ما هو إلّا أن نلقى هؤلاء القوم بأسيافنا نعالجهم بها ساعة ، ثمّ نعانق الحور العين .
قال الراوي : وركب أصحاب عمر بن سعد ، فبعث الحسين عليه السلام برير بن حصين فوعظهم فلم يسمعوا وذكّرهم فلم ينتفعوا ، فركب الحسين عليه السلام ناقته - وقيل : فرسه - فاستنصتهم فأنصتوا ، فحمد اللَّه وأثنى عليه وذكره بما هو أهله ، وصلّى على محمّد صلى اللّه عليه و آله وعلى الملائكة والأنبياء والرسل ، وأبلغ في المقال ، ثمّ قال :
تبّاً لكم أيّتها الجماعة وترحاً حين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين ، سللتم علينا سيفاً لنا في أيمانكم ، وحششتم علينا ناراً اقتدحناها ۲على عدوّنا وعدوّكم ، فأصبحتم أولياء لأعدائكم على أوليائكم بغير عدلٍ أفشوه فيكم ولا أملٍ أصبح لكم فيهم!
فهلّا - لكم الويلات - تركتمونا والسيف مشيمٌ ، والجأش ضامرٌ ، والرأيُ لمّا