فردّ غصّته وتغرغرت عيناه بالدموع ، ثمّ قال : هيهات هيهات ، لو ترك القطا ليلاً لنام .
فقالت : يا ويلتاه! أَفَتَغتَصِبُ نفسك اغتصاباً ، فذلك أقرح لقلبي وأشدّ على نفسي! ثمّ أهوت إلى جيبها فشقّته وخرّت مغشيّاً عليها .
فقام عليه السلام فصبّ على وجهها الماء حتّى أفاقت ، ثمّ عزّاها عليه السلام بجهده ، وذكّرها المصيبة بموت أبيه وجدّه صلوات اللَّه عليهم أجمعين .
وممّا يمكن أن يكون سبباً لحمل الحسين عليه السلام لحرمه معه ولعياله : أنّه لو تركهنّ بالحجاز أو غيرها من البلاد كان يزيد بن معاوية (لعنه اللَّه) أرسل من أخذهنّ إليه ، وصنع بهنّ من الاستيصال وسوء الأعمال ما يمنع الحسين عليه السلام من الجهاد والشهادة ، ويمتنع عليه السلام بأخذ يزيد بن معاوية لهنّ عن مقام السعادة .
المسلك الثاني : في وصف حال القتال وما يقرب من تلك الحال۱
قال۲ لراوي : وندب عبيداللَّه بن زياد أصحابه إلى قتال الحسين عليه السلام ، فاتّبعوه ، واستخفّ قومه فأطاعوه ، واشترى من عمر بن سعد آخرته بدنياه ، ودعاه إلى ولاية الحرب فلبّاه ، وخرج لقتال الحسين عليه السلام في أربعة آلاف فارس ، وأتبعه ابن زياد بالعساكر ، حتّى تكاملت عنده إلى ستّ ليال خلون من المحرّم عشرون ألفاً ، فضيّق على الحسين عليه السلام حتّى نال منه العطش ومن أصحابه .
فقام عليه السلام واتّكى على قائم سيفه ونادى بأعلى صوته ، فقال : أنشدكم اللَّه ، هل تعرفونني؟ قالوا : اللّهمّ نعم ، أنت ابن رسول اللَّه وسبطه .
قال : أنشدكم اللَّه ، هل تعلمون أنّ جدّي رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ؟ قالوا : اللّهمّ نعم .
قال : أنشدكم اللَّه ، هل تعلمون أن اُمّي فاطمة ابنة محمّد؟ قالوا : اللّهمّ نعم .
قال : أنشدكم اللَّه ، هل تعلمون أنّ أبي عليّ بن أبي طالب؟ ۳قالوا : اللّهمّ نعم .
قال : أنشدكم اللَّه هل تعلمون أنّ جدّتي خديجة بنت خويلد أوّل نساء هذه الاُمّة