365
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

بالتضييق عليه . فعرض له الحرّ وأصحابه ومنعوه من المسير .
فقال له الحسين عليه السلام : ألم تأمرنا بالعدول عن الطريق؟

فقال الحرّ : بلى ، ولكن كتاب الأمير عبيداللَّه بن زياد قد وصل يأمرني فيه بالتضييق عليك ، وقد جعل عليَّ عيناً يطالبني بذلك .
قال الراوي : فقام الحسين عليه السلام خطيباً في أصحابه ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ، وذكر جدّه فصلّى عليه ، ثمّ قال : إنّه قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون ، وإنّ الدنيا قد تنكّرت وتغيّرت ، وأدبر معروفها واستمرّت جذّاء ، ولم يبق منها إلّاصبابة كصبابة الإناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ، أَلا تَرونَ إلى الحقّ لا يعمل به ، وإلى الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء ربّه محقّاً ، فإنّي لا أرى الموت إلّا سعادة والحياة مع الظالمين إلّا برما .

فقام زهير بن القين فقال : لقد سمعنا هدانا اللَّه بك يابن رسول اللَّه مقالتك ، ولو كانت الدنيا لنا باقية وكنّا فيها مخلّدين لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها .
قال : ووثب هلال بن نافع البجلي ، فقال : واللَّه ، ما كرهنا لقاء ربّنا ، وإنّا ۱على نيّاتنا وبصائرنا ، نوالي من والاك ونعادي من عاداك .

قال : وقام برير بن حصين ، فقال : واللَّه يابن رسول اللَّه ، لقد مَنَّ اللَّه بك علينا أن نقاتل بين يديك ، فتقطع فيك أعضاؤنا ، ثمّ يكون جدّك شفيعنا يوم القيامة .
قال : ثمّ إنّ الحسين عليه السلام قام وركب ، وصار كلّما أراد المسير يمنعونه تارةً ويسايرونه اُخرى ، حتّى بلغ كربلاء ، وكان ذلك في اليوم الثاني من المحرّم ، فلمّا وصلها قال : ما اسم هذه الأرض؟ فقيل : كربلا ، فقال : انزلوا ، هاهنا واللَّه محطّ ركابنا ، وسفك دمائنا ، هاهنا واللَّه مخطّ قبورنا ، وهاهنا واللَّه سبي حريمنا ، بهذا حدّثني جدّي .

فنزلوا جميعاً ، ونزل الحرّ وأصحابه ناحية ، وجلس الحسين عليه السلام يصلح سيفه

1.۱۳۹


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
364

الكوفة لا أعرف أسماءهم .

فغضب ابن زياد وقال : واللَّه ، لا تفارقني حتّى تخبرني بأسماء هؤلاء القوم ، أو تصعد المنبر فتلعن الحسين وأباه وأخاه ، وإلّا قطّعتك إرباً إرباً .
فقال قيس : أمّا القوم فلا اُخبرك بأسمائهم ، وأمّا لعن الحسين وأبيه وأخيه فأفعل .

فصعد المنبر ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ، وصلّى على النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، وأكثر من الترحّم على عليّ وولده صلوات اللَّه عليهم ، ثمّ لعن عبيداللَّه بن زياد وأباه ، ولعن عتاة بني اُميّة عن آخرهم ، ثمّ قال :
أيّها الناس ، أنا رسول الحسين بن عليّ عليه السلام إليكم ، وقد خلّفته بموضع كذا وكذا ، فأجيبوه .

فاُخبر ابن زياد بذلك ، فأمر بإلقائه من أعلا القصر ، فاُلقي من هناك ، فمات رحمه اللّه .
فبلغ الحسين عليه السلام موته ، فاستعبر باكياً ثمّ قال : اللّهمّ اجعل لنا ولشيعتنا منزلاً كريماً ، واجمع بيننا وبينهم في مستقرّ رحمتك ، إنّك على كلّ شي‏ءٍ قدير .
وروي أنّ هذا الكتاب كتبه الحسين عليه السلام من الحاجز ، وقيل : غير ذلك .

۱قال الراوي : وسار الحسين عليه السلام حتّى صار على مرحلتين من الكوفة ، فإذا بالحرّ بن يزيد في ألف فارس ، فقال له الحسين عليه السلام : ألنا أم علينا؟ فقال : بل عليكَ يا أبا عبداللَّه ، فقال : لا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم .

ثمّ ترادّ القول بينهما ، حتّى قال له الحسين عليه السلام : فإذا كنتم على خلاف ما أتتني به كتبكم وقدمت به عليَّ رسلكم ، فإنّي أرجع إلى الموضع الذي أتيت منه .
فمنعه الحرّ وأصحابه من ذلك ، وقال : لا ، بل خذ يا بن رسول اللَّه طريقاً لا يدخلك الكوفة ولا يوصلك إلى المدينة؛ لأعتذر إلى ابن زياد بأنّك خالفتني الطريق . فتياسر الحسين عليه السلام حتّى وصل إلى عذيب الهجانات .

۲قال : فورد كتاب عبيداللَّه بن زياد إلى الحرّ يلومه في أمر الحسين عليه السلام ، ويأمره

1.۱۳۷

2.۱۳۸

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6005
صفحه از 512
پرینت  ارسال به