363
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

بذلك جماعة ممّن تبعه ، فتفرّق عنه أهل الأطماع والإرتياب ، وبقي معه أهله وخيار الأصحاب .

قال الراوي : وارتجّ الموضع بالبكاء والعويل لقتل مسلم بن عقيل ، وسالت الدموع عليه كلّ مسيل .
ثمّ إنّ الحسين عليه السلام سار قاصداً لما دعاه اللَّه إليه ، فلقيه الفرزدق ، فسلم عليه وقال : يابن رسول اللَّه ، كيف تركن إلى أهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمّك مسلم بن عقيل وشيعته؟!

قال : فاستعبر الحسين عليه السلام باكياً ، ثمّ قال : رحم اللَّه مسلماً ، فلقد صار إلى روح اللَّه وريحانه وتحيّته ورضوانه ، أما أنّه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا ، ثمّ أنشأ يقول :

فَإِن تَكُنِ الدُّنيا تُعَدُّ نَفيسَةًفَإِنَّ ثَوابَ اللَّهِ أَعلَى وَأَنبَلُ‏
وَإِن تَكُنِ الأَبدانُ لِلمَوتِ اُنشِئَت‏فَقَتلُ امرءٍ بالسَيفِ في اللَّهِ أَفضَلُ‏
وَإِن تَكُنِ الأَرزاقَ قِسماً مُقَدَّراًفَقِلَّةُ حِرصِ المَرءِ في السَعي أَجمَلُ‏
۱
وَإِن تَكُنِ الأَموالُ للتَركِ جَمعُهافَما بال مَتروكٍ بِهِ المَرءُ يَبخَلُ‏
قال الراوي : وكتب الحسين عليه السلام كتاباً إلى سليمان بن صرد والمسيّب بن نجبة ورفاعة بن شداد وجماعة من الشيعة بالكوفة ، وبعث به مع قيس بن مسهر الصيداوي ، فلمّا قارب دخول الكوفة اعترضه الحصين بن نمير صاحب عبيداللَّه بن زياد ليفتّشه ، فأخرج الكتاب ومزّقه ، فحمله الحصين إلى ابن زياد ، فلمّا مثل بين يديه قال له : مَن أنت؟

قال : أنا رجل من شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وابنه عليهما السلام .
قال : فلماذا مزّقت الكتاب؟ قال : لئلّا تعلم ما فيه .

۲قال : ممّن الكتاب وإلى من؟ قال من الحسين بن عليّ عليه السلام إلى جماعة من أهل

1.۱۳۵

2.۱۳۶


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
362

ثمّ بات عليه السلام في الموضع ، فلمّا أصبح ، فإذا هو برجلٍ من أهل الكوفة يكنّى أبا هرّة الأزدي ، فلمّا أتاه سلّم عليه ، ثمّ قال : يابن رسول اللَّه ، ما الذي أخرجك من حرم اللَّه وحرم جدّك رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله ؟

فقال الحسين عليه السلام : ويحك يا أبا هرّة! إنّ بني اُميّة أخذوا مالي فصبرت ، وشتموا عرضي فصبرت ، وطلبوا دمي فهربت ، وأيم اللَّه ، لتقتلني الفئة الباغية وليلبسنّهم اللَّه ذلاًّ شاملاً وسيفاً قاطعاً ، وليسلطنّ اللَّه عليهم من يذلّهم ، حتّى يكونوا أذلّ من قوم سبأ؛ إذ ملكتهم امرأة منهم ، فحكمت في أموالهم ودمائهم حتّى أذلّتهم .

ثمّ سار . وحدّث جماعة من بني فزارة وبجيلة ، قالوا : كنّا مع زهير بن القين لمّا أقبلنا من مكّة ، فكنّا نساير الحسين عليه السلام ، وما شي‏ء أكره إلينا من مسايرته؛ لأنّ معه نسوانه ، فكان إذا أراد النزول اعتزلناه ، فنزلنا ناحية ، ۱فلمّا كان في بعض الأيّام نزل في مكان ، فلم نجد بدّاً من أن ننازله فيه ، فبينما نحن نتغدّى بطعام لنا إذا أقبل رسول الحسين عليه السلام حتّى سلّم علينا ، ثمّ قال : يا زهير بن القين ، إنّ أبا عبداللَّه صلى اللّه عليه و آله بعثني إليك لتأتيه ، فطرح كلّ إنسان منّا ما في يده حتّى كأنّما على رؤوسنا الطير .

فقالت له زوجته - وهي ديلم بنت عمرو - : سبحان اللَّه! أيبعث إليك ابن رسول اللَّه ثمّ لا تأتيه؟! فلو أتيته فسمعت من كلامه .
فمضى إليه زهير ، فما لبث أن جاء مستبشراً قد أشرق وجهه ، فأمر بفسطاطه فقوّض ، وبثقله ومتاعه فحوّل إلى الحسين عليه السلام ، وقال لامرأته : أنتِ طالق ، فإنّي لا اُحبّ أن يصيبكِ بسببي إلّا خير ، وقد عزمت على صحبة الحسين عليه السلام لأفديه بروحي وأقيه بنفسي ، ثمّ أعطاها مالها وسلّمها إلى بعض بني عمّها ليوصلها إلى أهلها ، فقامت إليه وودّعته وبكت ، وقالت : خار اللَّه لك ، أسألك أن تذكرني في القيامة عند جدّ الحسين عليه السلام .

ثمّ قال لأصحابه : من أحبّ منكم أن يصحبني ، وإلّا فهو آخر العهد منّي به .

۲ثمّ سار الحسين عليه السلام حتّى بلغ زبالة ، فأتاه فيها خبر مسلم بن عقيل ، فعرف

1.۱۳۳

2.۱۳۴

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6062
صفحه از 512
پرینت  ارسال به