355
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

أخلني وإيّاه حتّى اُكلّمه ، فقام فخلا به ناحية وهما بحيث يراهما ابن زياد ويسمع كلامهما إذ رفعا أصواتهما ، فقال له مسلم :

يا هانى‏ء ، أنشدك اللَّه أن لا تقتل نفسك وتدخل البلاء على عشيرتك ، فواللَّه ، إنّي لأنفس بك عن القتل ، إنّ هذا الرجل ابن عمّ القوم وليسوا بقاتليه ولا ضارّيه ، فادفعه إليه ، فإنّه ليس عليك بذلك مخزاة ولا منقصة ، وإنّما تدفعه إلى السلطان .
فقال هانى‏ء : واللَّه ، إنَّ عليَّ في ذلك الخزي والعار ، أنا أدفع جاري وضيفي ورسول ابن رسول اللَّه إلى عدوّه وأنا صحيح الساعدين وكثير الأعوان؟! واللَّه ، لو لم أكن إلّا رجلاً واحداً ليس لي ناصر لم أدفعه حتّى أموت دونه .

فأخذ يناشده وهو يقول : واللَّه ، لا أدفعه ، فسمع ابن زياد ذلك ، فقال : أدنوه منّي ، فاُدني منه ، فقال : واللَّه ، لتأتيني به أو لأضربنّ عنقك!

۱فقال هانى‏ء : إذن - واللَّه - تكثر البارقة حول دارك .
فقال ابن زياد : والهفاه عليك! أبالبارقة تخوّفني؟! - وهانئ يظنّ أنّ عشيرته يسمعونه - ثمّ قال : أدنوه منّي ، فاُدني منه ، فاستعرض وجهه بالقضيب ، فلم يزل يضرب أنفه وجبينه وخدّه حتّى كسر أنفه ، وسيّل الدماء على ثيابه ، ونثر لحم خدّه وجيبنه على لحيته ، وانكسر القضيب .

فضرب هاني يده إلى قائم سيف شرطي ، فجذبه ذلك الرجل ، فصاح ابن زياد : خذوه فجرّوه حتّى ألقوه في بيتٍ من بيوت القصر ، واغلقوا عليه بابه ، وقال : اجعلوا عليه حرساً ، ففعل ذلك به .
فقام أسماء بن خارجة إلى عبيداللَّه بن زياد - وقيل : إنّ القائم حسّان بن أسماء - فقال : أَرُسُل غدرٍ سائر اليوم؟! أيّها الأمير ، أمرتنا أن نجيئك بالرجل ، حتّى إذا جئناك به هشمت وجهه وسيّلت دماءه على لحيته ، وزعمت أنّك تقتله!

فغضب ابن زياد من كلامه وقال : وأنت ها هنا! وأمر به فضرب حتّى ترك ، وقيّد

1.۱۱۸


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
354

يابن أخي ، إنّي واللَّه من هذا الرجل لخائف ، فما ترى؟

فقال : واللَّه ، يا عمّ ما أتخوّف عليك شيئاً ، فلا تجعل على نفسك سبيلاً ، ولم يك حسّان يعلم في أيّ شي‏ء بعث عبيداللَّه بن زياد .

فجاء هانى‏ء والقوم معه حتّى دخلوا جميعاً على عبيداللَّه ، فلمّا رأى هانياً قال : أتتك بخائن رجلاه ، ثمّ التفت إلى شريح القاضي - وكان جالساً عنده - وأشار إلى هانى‏ء وأنشد بيت۱عمرو بن معدي كرب الزبيدي :

اُريدُ حَياتَهُ ويُريدُ قَتلي‏عَذيركَ مِن خَليلِكَ مِن مُرادِِ
فقال له هانى‏ء : وما ذاك أيّها الأمير؟

فقال له : إيهاً يا هانى‏ء ، ما هذه الاُمور التي تربّص في دارك لأمير المؤمنين وعامّة المسلمين؟ جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك ، وجمعت له السلاح والرجال في الدور حولك ، وظننت أنّ ذلك يخفى عليَّ؟! فقال : ما فعلت ، فقال ابن زياد : بلى قد فعلت ، فقال : ما فعلت أصلح اللَّه الأمير .

فقال ابن زياد : عليَّ بمعقل مولاي وكان معقل عينه على أخبارهم ، وقد عرف كثيراً من أسرارهم فجاء معقل حتّى وقف بين يديه ، فلمّا رآه هانى‏ء عرف أنّه كان عيناً عليه ، فقال : أصلح اللَّه الأمير ، واللَّه ، ما بعثت إلى مسلم ولا دعوته ، ولكن جاءني مستجيراً ، فاستحييت من ردّه ، ودخلني ۲من ذلك ذمام فآويته ، فأمّا إذ قد علمت فخلِّ سبيلي حتّى أرجع إليه وآمره بالخروج من داري إلى حيث شاء من الأرض؛ لأخرج بذلك من ذمامه وجواره .

فقال له ابن زياد : واللَّه ، لا تفارقني أبداً حتّى تأتيني به! فقال : واللَّه ، لا آتيك به أبداً ، آتيك بضيفي حتّى تقتله؟!
فقال : واللَّه ، لتأتيني به ، قال : واللَّه ، لا آتيك به .

فلمّا كثر الكلام بينهما ، قام مسلم بن عمرو الباهلي فقال : أصلح اللَّه الأمير

1.۱۱۶

2.۱۱۷

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6167
صفحه از 512
پرینت  ارسال به