يابن أخي ، إنّي واللَّه من هذا الرجل لخائف ، فما ترى؟
فقال : واللَّه ، يا عمّ ما أتخوّف عليك شيئاً ، فلا تجعل على نفسك سبيلاً ، ولم يك حسّان يعلم في أيّ شيء بعث عبيداللَّه بن زياد .
فجاء هانىء والقوم معه حتّى دخلوا جميعاً على عبيداللَّه ، فلمّا رأى هانياً قال : أتتك بخائن رجلاه ، ثمّ التفت إلى شريح القاضي - وكان جالساً عنده - وأشار إلى هانىء وأنشد بيت۱عمرو بن معدي كرب الزبيدي :
اُريدُ حَياتَهُ ويُريدُ قَتليعَذيركَ مِن خَليلِكَ مِن مُرادِِ
فقال له هانىء : وما ذاك أيّها الأمير؟
فقال له : إيهاً يا هانىء ، ما هذه الاُمور التي تربّص في دارك لأمير المؤمنين وعامّة المسلمين؟ جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك ، وجمعت له السلاح والرجال في الدور حولك ، وظننت أنّ ذلك يخفى عليَّ؟! فقال : ما فعلت ، فقال ابن زياد : بلى قد فعلت ، فقال : ما فعلت أصلح اللَّه الأمير .
فقال ابن زياد : عليَّ بمعقل مولاي وكان معقل عينه على أخبارهم ، وقد عرف كثيراً من أسرارهم فجاء معقل حتّى وقف بين يديه ، فلمّا رآه هانىء عرف أنّه كان عيناً عليه ، فقال : أصلح اللَّه الأمير ، واللَّه ، ما بعثت إلى مسلم ولا دعوته ، ولكن جاءني مستجيراً ، فاستحييت من ردّه ، ودخلني ۲من ذلك ذمام فآويته ، فأمّا إذ قد علمت فخلِّ سبيلي حتّى أرجع إليه وآمره بالخروج من داري إلى حيث شاء من الأرض؛ لأخرج بذلك من ذمامه وجواره .
فقال له ابن زياد : واللَّه ، لا تفارقني أبداً حتّى تأتيني به! فقال : واللَّه ، لا آتيك به أبداً ، آتيك بضيفي حتّى تقتله؟!
فقال : واللَّه ، لتأتيني به ، قال : واللَّه ، لا آتيك به .
فلمّا كثر الكلام بينهما ، قام مسلم بن عمرو الباهلي فقال : أصلح اللَّه الأمير