المنذر زوجة لعبيداللَّه فأخذ عبيداللَّه الرسول فصلبه ، ثمّ صعد ۱المنبر ، فخطب وتوعّد أهل البصرة على الخلاف وإثارة الإرجاف .
ثمّ بات تلك الليلة ، فلمّا أصبح استناب عليهم أخاه عثمان بن زياد ، وأسرع هو إلى قصد الكوفة .
فلمّا قاربها نزل حتّى أمسى ، ثمّ دخلها ليلاً ، فظنّ أهلها أنّه الحسين عليه السلام ، فتباشروا بقدومه ودنوا منه ، فلمّا عرفوا أنّه ابن زياد تفرّقوا عنه ، فدخل قصر الإمارة وبات ليلته إلى الغداة ، ثمّ خرج وصعد المنبر وخطبهم ، وتوعّدهم على معصية السلطان ، ووعدهم مع الطاعة بالإحسان
فلمّا سمع مسلم بن عقيل بذلك خاف على نفسه من الاشتهار ، فخرج من دار المختار وقصد دار هانىء بن عروة ، فآواه وكثر اختلاف الشيعة إليه ، وكان عبيداللَّه بن زياد قد وضع المراصد عليه .
فلمّا علم أنّه في دار هانىء دعا محمّد بن الأشعث وأسماء بن خارجة ۲وعمرو بن الحجّاج ، وقال : ما يمنع هانىء بن عروة من إتياننا؟ فقالوا : ماندري ، وقد قيل : إنّه يشتكي .
فقال : قد بلغني ذلك ، وبلغني أنّه قد برأ وأنّه يجلس على باب داره ، ولو أعلم أنّه شاكٍ لعدته ، فالقوه ومروه أن لايدع ما يجب عليه من حقّنا ، فإنّي لا اُحبّ أن يفسد عندي مثله؛ لأنّه من أشراف العرب .
فأتوه حتّى وقفوا عليه عشيّة على بابه ، فقالوا : ما يمنعك من لقاء الأمير؟ فإنّه قد ذكرك وقال : لو أعلم أنّه شاكٍ لعدته . فقال لهم : الشكوى تمنعني .
فقالوا له : إنّه قد بلغه أنّك تجلس على باب دارك كلّ عشيّة ، وقد استبطأك ، والإبطاء والجفاء لايحتمله السلطان من مثلك؛ لأنّك سيّدٌ في قومك ، ونحن نقسم عليك إلّا ما ركبت معنا إليه . فدعا بثيابه فلبسها وفرسه فركبها ، حتّى إذا دنا من القصر كأنّ نفسه قد أحسّت ببعض الذي كان ، فقال لحسّان بن أسماء بن خارجة :