339
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

فقال الحبر : يا سبحان اللَّه! هذا ابن بنت نبيّكم قتلتموه في هذه السرعة! بئس ما خلّفتموه في ذرّيته ، واللَّه ، لو خلّف فينا موسى بن عمران سبطاً من صلبه لكنّا نعبده من دون اللَّه! وأنتم إنّما فارقكم نبيّكم بالأمس ، فوثبتم على ابن نبيّكم فقتلتموه ، سوءةً لكم من اُمّة!

قال : فأمر يزيد بكرّ في حلقه ، فقام الحبر وهو يقول : إن شئتم فاضربوني أو فاقتلوني أو قرّروني ، فإنّي أجد في التوراة أنّه من قتل ذرّية نبيّ لا يزال مغلوباً أبداً ما بقي ، فإذا مات يصليه اللَّه نار جهنّم .
قال : ثمّ دعا يزيد بالخاطب وأمر بالمنبر فاُحضر ، ثمّ أمر الخاطب فقال : اصعد المنبر فخبّر الناس بمساوئ الحسين وعليّ وما فعلا!

قال : فصعد الخاطب المنبر فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ أكثر الوقيعة في عليّ والحسين ، وأطنب في تقريظ معاوية ويزيد ، فذكرهما بكلّ جميل .
قال : فصاح عليّ بن الحسين : ويلك أيّها الخاطب! اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق ، فانظر مقعدك من النار . ثمّ قال عليّ بن الحسين : يا يزيد ، أ تأذن لي أن أصعد هذه الأعواد فأتكلّم بكلام فيه رضا اللَّه ورضا هؤلاء الجلساء وأجر وثواب؟

قال : فأبى يزيد ذلك ، فقال الناس : يا أمير المؤمنين ، ائذن له ليصعد المنبر لعلّنا نسمع منه شيئاً!
فقال : إنّه إن صعد المنبر لم ينزل إلّا بفضيحتي أو بفضيحة آل سفيان ، قيل له : يا أمير المؤمنين ، وما قدر ما يحسن هذا؟ قال : إنّه من نسل قوم قد رزقّوا العلم رزقّاً حسناً .

قال : فلم يزالوا به ۱حتّى صعد المنبر ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ خطب خطبة أبكى منها العيون وأوجل منها القلوب ، ثمّ قال :

أيّها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي ، أيّها

1.۵ / ۱۲۹


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
338

قال : فتقدّم عليّ بن الحسين حتّى وقف بين يدي يزيد بن معاوية وجعل يقول :

لا تَطمعوا أَن تُهينونا ونُكرِمَكُم‏و أن نكفّ الأَذى عَنكم وتُؤذونا
فاللَّهُ يَعلَمُ أنّا لا نُحبّكم‏و لا نَلومُكم إن لَم تُحِبّونا
۱فقال يزيد : صدقت يا غلام ، ولكن أراد أبوك وجدّك أن يكونا أميرين ، فالحمد للَّه الذي أذلّهما وسفك دماءهما!

فقال له عليّ بن الحسين : يا ابن معاوية وهند وصخر! لم يزالوا آبائي وأجدادي فيهم الإمرة من قبل أن نلد ، ولقد كان جدّي عليّ بن أبي طالب رضى اللَّه عنه يوم بدر واُحد والأحزاب في يده راية رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم ، وأبوك وجدّك في أيديهما رايات الكفّار ، ثمّ جعل عليّ بن الحسين يقول :

ماذا تَقولونَ إن قالَ النبِيُّ لَكُم‏ماذا فَعَلتُم وأَنتُم آخِرُ الاُمَمِ‏
بِعِترَتي وبِأَهلي بَعدَ مُنقَلَبي‏مِنهُم اُسارى ومِنهُم ضُرِّجوا بِدَمِ‏
ما كَانَ هذا جَزائي إذ نَصَحتُكُمُ‏أن تَخلِفُوني بِسُوءٍ في ذوي رَحِمي‏
ثمّ قال عليّ بن الحسين رحمه اللّه : ويلك يا يزيد! إنّك لو تدري ما صنعت وما الذي ارتكبت من أبي وأهل بيتي وأخي وعمومتي إذاً لهربت في الجبال وفرشت الرماد! ودعوت بالويل والثبور أن يكون رأس الحسين بن فاطمة وعليّ رضى اللَّه عنه منصوباً على باب المدينة! وهو وديعة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم فيكم ، فأبشر بالخزي والندامة غداً إذا جمع الناس ليوم لا ريب فيه .

قال : فالتفت حبر من أحبار اليهود وكان حاضراً فقال : مَن هذا الغلام يا أمير المؤمنين؟ فقال : هذا صاحب الرأس هو أبوه .
قال : ومَن هو صاحب الرأس يا أمير المؤمنين؟ قال : الحسين بن عليّ بن أبي طالب .

قال : فمن اُمّه؟ قال : فاطمة بنت محمّد صلى اللّه عليه و سلم .

1.۵ / ۱۲۸

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6037
صفحه از 512
پرینت  ارسال به