قال : وتكاثروا عليه من كلّ ناحية حتّى أخذوه . فقال جندب بن عبداللَّه الأزدي : إِنَّا لِلَّهِ وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ! أخذوا واللَّه عبداللَّه بن عفيف فقبح واللَّه العيش من بعده .
قال : ثمّ اُتي به حتّى اُدخل على عبيد اللَّه بن زياد ، فلمّا رآه قال : الحمد للَّه الذي أخزاك!
فقال له عبداللَّه بن عفيف : يا عدوّ اللَّه بهذا أخزاني! واللَّه لو فرّج اللَّه عن بصري لضاق عليك موردي ومصدري .
قال : فقال ابن زياد : يا عدوّ نفسه! ما تقول في عثمان بن عفّان رضى اللَّه عنه ؟
فقال : يا ابن عبد بني علاج! يا ابن مرجانة وسميّة! ما أنت وعثمان بن عفان؟ عثمان أساء أم أحسن ، وأصلح أم أفسد ، اللَّه تبارك وتعالى وليّ خلقه يقضي بين خلقه وبين عثمان بن عفّان بالعدل والحقّ ، ولكن سلني ۱عن أبيك وعن يزيد وأبيه! فقال ابن زياد : واللَّه ، لا سألتك عن شيء أو تذوق الموت!
فقال عبداللَّه بن عفيف : الحمد للَّه ربّ العالمين! أما إنّي كنت أسأل ربّي عزّ و جلّ أن يرزقني الشهادة ، والآن فالحمد للَّه الذي رزقني إيّاها بعد الإياس منها وعرّفني الإجابة منه لي في قديم دعائي!
فقال ابن زياد : اضربوا عنقه! فضربت رقبته وصلب رحمة اللَّه عليه .
قال : ثمّ دعا ابن زياد بجندب بن عبداللَّه الأزدي فقال : يا عدوّ اللَّه! أ لست صاحب عليّ بن أبي طالب رضى اللَّه عنه في يوم صفين؟ فقال : بلى واللَّه يا ابن زياد ، أنا صاحب عليّ بن أبي طالب رضى اللَّه عنه ولا زلت له وليّاً ولا أبرأ إليك من ذلك!
فقال ابن زياد : أظنّ أنّي أتقرّب إلى اللَّه تعالى بدمك ، فقال جندب : واللَّه ، ما يقرّبك دمي من اللَّه ولكنّه يباعدكمنه ، وبعد فإنّه لم يبقَ من عمري إلّا أقلّه ، وما أكره أن يكرمني اللَّه بهوانك .
فقال ابن زياد : أخرجوه عنّي فإنّه شيخ قد خرف وذهب عقله! قال : فاُخرج عنه وخلّي سبيله .