الأمير ، إنّها امرأة ، والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها .
فقال ابن زياد : لقد أشفى اللَّه نفسي من طاغيتك والعصاة المردودة من أهل بيتك .
فقالت زينب : لقد قتلت كهلي ، وقطعت فرعي ، واجتثثت أصلي ، فإن كان هذا شفاؤك فقد اشتفيت .
فقال ابن زياد : هذه شجاعة لا حرج ، لعمري ، لقد كان أبوك شاعراً شجاعاً ، فقالت ۱زينب (رضي اللَّه عنها) : يا ابن زياد! وما للمرأة والشجاعة .
قال : فالتفت ابن زياد إلى عليّ بن الحسين رضى اللَّه عنه قال : أَوَ لَم يقتل عليّ بن الحسين؟
قال : ذاك أخي وكان أكبر منّي فقتلتموه وإنّ له مطلاً منكم يوم القيامة ، فقال ابن زياد : ولكنّ اللَّه قتله ، فقال عليّ بن الحسين رضى اللَّه عنه :
«اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا» ، وقال تعالى : «وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ» .
فقال ابن زياد لبعض جلسائه : ويحك! . . . خذه إليك الآن فاضرب عنقه! قال : فتعلّقت به عمّته زينب بنت عليّ وقالت له : يا ابن زياد ، إنّك لم تبقِ منّا أحداً ، فإن كنت عزمت على قتله فاقتلني معه .
فقال عليّ بن الحسين لعمّته : اسكتي حتّى اُكلّمه! ثمّ أقبل عليّ رضى اللَّه عنه على ابن زياد فقال : أَ بالقتل تهدّدني؟ أما علمت أنَّ القتل لنا عادة ، وكرامتنا الشهادة؟!
قال : فسكت ابن زياد ثمّ قال : أخرجوهم عنّي! وأنزلهم في دارك۲ إلى جانب المسجد الأعظم .
ثمّ نادى عبيد اللَّه بن زياد في الناس فجمعهم في المسجد الأعظم ، ثمّ خرج وصعد المنبر .