أ تدرون ويلكم يا أهل الكوفة! أيّ كبد لرسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم فريتم؟! وأيّ دم له سفكتم؟! وأيّ حريم له ورثتم؟! وأيّ حرمة له انتهكتم؟! «لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيًْا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا» ، لقد جئتم بها خرقاء شوهاء طلاع الأرض ، أَ فَعجبتم إن أمطرت السماء دماً! ولعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تُنصرون ، فلا يستخفنّكم المهل ولا يحقره البدار ، ولا يخاف عليه فوت الثأر ، كلّا! «إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ» .
قال خزيمة : فو اللَّه ، لقد رأيت ۱الناس يومئذ حيارى قد ردّوا أيديهم في أفواههم ، قال : ونظرت إلى شيخ من قدماء أهل مكّة وقد بكى حتّى اخضلّت لحيته وهو يقول : قد صدقت المرأة! كهولهم خير كهول ، وشبابهم خير شباب إذا نطقوا نطق سبحان .
ذكر دخول القوم على عبيد اللَّه بن زياد
قال : ثمّ أتى القوم حتّى اُدخلوا على عبيد اللَّه بن زياد ، ونظرت إليه زينب بنت عليّ رضى اللَّه عنه فجلست ناحية ، فقال ابن زياد : مَن الجالسة؟ فلم تكلّمه ، فقال الثانية : مَن الجالسة؟ فلم تكلّمه ، فقال رجل من أصحابه : هذه زينب بنت عليّ رضى اللَّه عنه .
فقال ابن زياد : الحمد للَّه الذي فضحكم وأكذب اُحدوثتكم! فقالت زينب : الحمد للَّه الذي أكرمنا بنبيّه محمّد صلى اللّه عليه و سلم وطهّرنا في كتابه تطهيراً ، وإنّما يفضح الفاسق ويكذّب الفاجر .
فقال ابن زياد : كيف رأيت صنع اللَّه بأخيك وأهل بيتك؟ فقالت زينب (رضي اللَّه عنها) : ما رأيت إلّا جميلاً ، هؤلاء القوم كتب اللَّه عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع اللَّه بينك و بينهم يا ابن زياد ، فتحاجّون وتخاصمون ، فانظر لمن الفلح يومئذ! ثَكَلتك اُمّك يا ابن مرجانة!
قال : فغضب ابن زياد من ذلك ، فقال له عمرو بن حريث المخزومي : أصلح اللَّه