329
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

أ تدرون ويلكم يا أهل الكوفة! أيّ كبد لرسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم فريتم؟! وأيّ دم له سفكتم؟! وأيّ حريم له ورثتم؟! وأيّ حرمة له انتهكتم؟! «لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيًْا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنشَقُّ الْأَرْضُ وَ تَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا» ، لقد جئتم بها خرقاء شوهاء طلاع الأرض ، أَ فَعجبتم إن أمطرت السماء دماً! ولعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تُنصرون ، فلا يستخفنّكم المهل ولا يحقره البدار ، ولا يخاف عليه فوت الثأر ، كلّا! «إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ» .

قال خزيمة : فو اللَّه ، لقد رأيت ۱الناس يومئذ حيارى قد ردّوا أيديهم في أفواههم ، قال : ونظرت إلى شيخ من قدماء أهل مكّة وقد بكى حتّى اخضلّت لحيته وهو يقول : قد صدقت المرأة! كهولهم خير كهول ، وشبابهم خير شباب إذا نطقوا نطق سبحان .

ذكر دخول القوم على عبيد اللَّه بن زياد

قال : ثمّ أتى القوم حتّى اُدخلوا على عبيد اللَّه بن زياد ، ونظرت إليه زينب بنت عليّ رضى اللَّه عنه فجلست ناحية ، فقال ابن زياد : مَن الجالسة؟ فلم تكلّمه ، فقال الثانية : مَن الجالسة؟ فلم تكلّمه ، فقال رجل من أصحابه : هذه زينب بنت عليّ رضى اللَّه عنه .
فقال ابن زياد : الحمد للَّه الذي فضحكم وأكذب اُحدوثتكم! فقالت زينب : الحمد للَّه الذي أكرمنا بنبيّه محمّد صلى اللّه عليه و سلم وطهّرنا في كتابه تطهيراً ، وإنّما يفضح الفاسق ويكذّب الفاجر .

فقال ابن زياد : كيف رأيت صنع اللَّه بأخيك وأهل بيتك؟ فقالت زينب (رضي اللَّه عنها) : ما رأيت إلّا جميلاً ، هؤلاء القوم كتب اللَّه عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع اللَّه بينك و بينهم يا ابن زياد ، فتحاجّون وتخاصمون ، فانظر لمن الفلح يومئذ! ثَكَلتك اُمّك يا ابن مرجانة!

قال : فغضب ابن زياد من ذلك ، فقال له عمرو بن حريث المخزومي : أصلح اللَّه

1.۵ / ۱۱۸


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
328

قال : وساق القوم حرمَ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم من كربلاء كما تساق الاُسارى ، حتّى إذا بلغوا بهم إلى الكوفة خرج الناس إليهم ، فجعلوا يبكون وينوحون .
قال : وعليّ بن ۱الحسين في وقته ذلك قد نهكته العلّة فجعل يقول : ألا إنّ هؤلاء يبكون و ينوحون من أجلنا فمن قتلنا؟!

ذكر كلام زينب بنت عليّ رضي اللَّه عنها

قال خزيمة الأسدي : ونظرت إلى زينب بنت عليّ رضى اللَّه عنه يومئذ ولم أرَ حفرة۲ قطّ أفصح منها ، كأنّها تنطق عن لسان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضى اللَّه عنه ، فأومأت إلى الناس أن اسكتوا! فارتدّت الأنفاس ، ثمّ قالت :
الحمد للَّه وصلواته على أبي محمّد رسول اللَّه وعلى آله الطاهرين الأخيار ، أمّا بعد؛ يا أهل الكوفة ، يا أهل الختل والخذل! أ تبكون؟ فلا رقت لكم دمعة ، إنّما مثلكم كمثل التي «نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَنَكُمْ دَخَلَاً بَيْنَكُمْ» ألا بئس ما قدّمت لكم أنفسكم أن سخط اللَّه عليكم ، وفي العذاب أنتم خالدون .

أَ تَبكون وتنتحبون؟! أي واللَّه ، فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً ، كلّ ذلك بانتهاككم حرمة ابن خاتم الأنبياء وسيّد شباب أهل الجنّة غداً ، وملاذ حضرتكم ، ومفزع نازلتكم ، ومنار حجّتكم ، ومدرة سنتكم ، ألا ساء ما تزرون! وبُعداً لكم وسحقاً! فلقد خاب السعي ، وتبّت الأيدي ، وخسرت الصفقة ، وتولّيتم بغضبِ اللَّه ، وضُربت عليكم الذلّة والمسكنة .

1.۵ / ۱۱۷

2.كذا في المصدر ، وفي مقاتل اُخر «خَفِرة» .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5743
صفحه از 512
پرینت  ارسال به