ثمّ تقدّم من بعده عليّ بن الحسين بن عليّ رضى اللَّه عنه ، وهو يومئذ ابن ثماني عشرة سنة ، فتقدّم نحو القوم ورفع الحسين شيبته نحو السماء وقال :
اللّهمّ اشهد على هؤلاء القوم ، فقد برز إليهم غلام أشبه القوم خَلقاً وخُلُقاً ومنطقاً برسولك محمّد صلى اللّه عليه و سلم ، فامنعهم بركات الأرض ، فإن متّعتهم إلى حين ففرّقهم فرقاً ، واقطعهم قطعاً ، واجعلهم طرائقَ قدداً ، ولا ترض الولاة عنهم أبداً ، فإنّهم دعونا لينصرونا ثمّ عدوا علينا يقاتلوننا . قال : ثمّ صاح الحسين بعمر بن سعد فقال : ما لَكَ قَطَعَ اللَّه رحمك ، ولا بارك لَكَ في أمرك ، وسَلَّط عليكَ بعدي من يقتلك على فراشك ، كما قطعتَ رحمي ولم تحفظ قرابتي من محمّد صلى اللّه عليه و سلم . ثمّ رفع الحسين صوته وقرأ «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إِبْرَاهِيمَ وَءَالَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» .
قال : ثمّ تقدّم عليّ بن الحسين بن عليّ عليهما السلام وهو يقول :
أنا عليّ بن الحُسَينِ بن عَليّمِن عصبة جدّ أبيهم النبيّ
۱وفي مروج الذهب ۳ / ۷۶ : نَحنُ وبيتُ اللَّهِ أَولى بِالنَبيّ
واللَّهِ لا يحكمُ فينا ابنُ الدعيأطعنكم بالرمحِ حتّى يَنثَني
أضرِبكُمُ بالسيفِ أَحمي عَن أَبيضَربَ غُلامٍ علويّ قُرشي
ثمّ حمل رضى اللَّه عنه ، فلم يزل يقاتل حتّى ضجّ أهل الشام من يده ومن كثرة من قتل منهم ، فرجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة ، فقال : يا أبة ، العطش قد قتلني ، وثقل الحديد قد أجهدني ، فهل إلى شربة من الماء سبيل؟!
قال : فبكى الحسين ، ثمّ قال : يا بنيّ! قاتل قليلاً فما أسرع ما تلقى جدّك