323
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

محمّداً صلى اللّه عليه و سلم فيسقيك بكأسه الأوفى! قال : فرجع عليّ بن الحسين إلى الحرب وهو يقول :

الحربُ قَد بانَت لها حقائقُ‏و ظَهَرت من بعدها مَصادِقُ‏
واللَّهِ ربِّ العرشِ لا نُفارقُ‏جموعَكُم أو تُغمَدُ البوارِقُ‏
ثمّ حمل ، فلم يزل يقاتل حتّى قُتِلَ رحمه اللّه .

قال : فبقي الحسين فريداً وحيداً ليس معه ثانٍ إلّا ابنه عليّ رضى اللَّه عنه ، وهو يومئذ ابن سبع سنين ، وله ابن آخر يقال له : عليّ في الرضاع ، فتقدّم إلى باب الخيمة فقال : ناولوني ذلك الطفل حتّى اُودّعه! فناولوه الصبيّ ، فجعل يقبّله وهو يقول : يا بنيّ! ويل لهؤلاء القوم إذ كان غداً خصمهم جدّك محمّد صلى اللّه عليه و سلم ! قال : وإذا بسهمٍ قد أقبلَ حتّى وقعَ في لبّة الصبيّ قتله ، فنزل الحسين رضى اللَّه عنه عن فرسه وحفر له بطرف السيف ورماه بدمه ، وصلّى عليه ودفنه ، ثمّ وثب قائماً وهو يقول :

كَفَر القومُ وقدماً رغبواعن ثوابِ اللَّه ربّ الثقلين‏
قاتلوا قدماً عليّاً وابنه‏حسنَ الخير كريمَ الأبوين‏
حسداً منهم وقالوا أجمعوانقتل الآن جميعاً للحسين‏
يا لقوم من أناسٍ رذّل‏جمعوا الجمعَ لأهل الحرمين‏
ثمّ ساروا وتواصوا كلّهم‏باحتياجي لرضاء الملحدين‏
لم يخافوا اللَّه في سفكِ دمي‏لِعُبيدِ اللَّه نَسلِ الكافرين‏
وابن سَعدٍ قَد رَماني عَنوةبجنودٍ كوكود الهاطلين‏
لالشي‏ءٍ كان منّي قبل ذاغير فخري بضياء الفرقدين‏
بعليّ الخير من بعد النبيّ‏و النبيّ القرشي الوالدين‏
خيرةُ اللَّه من الخلق أبي‏بعد جدّي فأنا ابن الخيرتين‏
فضّة قد خَلُصَت من ذَهَب‏فأنا الفضّة وابن الذَهَبين‏
من له جدّ كجدّي في الورى‏أو كشيخي وأنا ابن القمرين‏
فاطمُ الزهراء اُمّي وأبي‏قاصمُ الكفر ببدر وحنين‏
وله في يوم اُحد وقعةٌشفت الغلّ بفضّ العسكرين‏
ثمّ بالأَحزابِ والفَتحِ معاًكان فيها حَتفُ أَهلِ الثَقَلَين‏
في سَبيلِ اللَّه ما ذا صَنَعت‏اُمّة السوءِ معاً بالفَرقَدَين‏
عِترةُ البرّ النبيّ المُصطَفى‏و على الورد يَومَ الجَحفَلَين‏
قال : ثمّ استوى الحسين على فرسه ، وتقدّم حتّى واجه القوم وقال : يا أهل الكوفة ، قبحاً لكم وترحاً! وبؤساً لكم وتعساً! استصرختمونا والهين فأتيناكم موجبين ، فشحذتم علينا سيفاً كان في أيماننا ، وجئتم علينا ناراً نحن أضرمناها على عدوّكم وعدوّنا ، فأصبحتم وقد آثرتم العداوة على الصلح من غير ذنب كان منّا إليكم ، وقد أسرعتم إلينا بالعناد ، وتركتم بيعتنا رغبة في الفساد ، ثمّ نقضتموها سفهاً وضلّة لطواغيت الاُمّة وبقيّة الأحزاب ونبذة الكتاب ، ثمّ أنتم هؤلاء تتخاذلون عنّا وتقتلونا!! ألا لعنة اللَّه على الظالمين .


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
322

ثمّ تقدّم من بعده عليّ بن الحسين بن عليّ رضى اللَّه عنه ، وهو يومئذ ابن ثماني عشرة سنة ، فتقدّم نحو القوم ورفع الحسين شيبته نحو السماء وقال :
اللّهمّ اشهد على هؤلاء القوم ، فقد برز إليهم غلام أشبه القوم خَلقاً وخُلُقاً ومنطقاً برسولك محمّد صلى اللّه عليه و سلم ، فامنعهم بركات الأرض ، فإن متّعتهم إلى حين ففرّقهم فرقاً ، واقطعهم قطعاً ، واجعلهم طرائقَ قدداً ، ولا ترض الولاة عنهم أبداً ، فإنّهم دعونا لينصرونا ثمّ عدوا علينا يقاتلوننا . قال : ثمّ صاح الحسين بعمر بن سعد فقال : ما لَكَ قَطَعَ اللَّه رحمك ، ولا بارك لَكَ في أمرك ، وسَلَّط عليكَ بعدي من يقتلك على فراشك ، كما قطعتَ رحمي ولم تحفظ قرابتي من محمّد صلى اللّه عليه و سلم . ثمّ رفع الحسين صوته وقرأ «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى‏ ءَادَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إِبْرَاهِيمَ وَءَالَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» .

قال : ثمّ تقدّم عليّ بن الحسين بن عليّ عليهما السلام وهو يقول :

أنا عليّ بن الحُسَينِ بن عَليّ‏مِن عصبة جدّ أبيهم النبيّ‏
۱وفي مروج الذهب ۳ / ۷۶ : نَحنُ وبيتُ اللَّهِ أَولى بِالنَبيّ‏

واللَّهِ لا يحكمُ فينا ابنُ الدعي‏أطعنكم بالرمحِ حتّى يَنثَني‏
أضرِبكُمُ بالسيفِ أَحمي عَن أَبي‏ضَربَ غُلامٍ علويّ قُرشي‏
ثمّ حمل رضى اللَّه عنه ، فلم يزل يقاتل حتّى ضجّ أهل الشام من يده ومن كثرة من قتل منهم ، فرجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة ، فقال : يا أبة ، العطش قد قتلني ، وثقل الحديد قد أجهدني ، فهل إلى شربة من الماء سبيل؟!

قال : فبكى الحسين ، ثمّ قال : يا بنيّ! قاتل قليلاً فما أسرع ما تلقى جدّك

1.۵ / ۱۱۲

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6103
صفحه از 512
پرینت  ارسال به