309
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

ذلك جدّي ۱رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم ومعه جماعة من أصحابه وهو يقول لي : يا بنيّ ، أنت شهيد آل محمّد! وقد استبشرت بك أهل السماوات وأهل الصفح الأعلى ، فليكن إفطارك عندي الليلة ، عجّل ولا تؤخّر! فهذا أثرك قد نزل من السماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء ، وهذا ما رأيت وقد أزف الأمر واقترب الرحيل من هذه الدنيا ، لا شكّ في ذلك .

قال : وأصبح الحسين وصلّى بأصحابه ، ثمّ قرّب إليه فرسه ، فاستوى عليه وتقدّم نحو القوم في نفر من أصحابه ، وبين يديه برير بن حضير الهمداني ، فقال له الحسين : كلّم القوم يا برير و احتجّ عليهم .
قال : فتقدّم برير حتّى وقف قريباً من القوم والقوم على بكرة قد زحفوا إليهم ، فقال لهم برير : يا هؤلاء ، اتّقوا اللَّه ، فإنّ نسل محمّد صلى اللّه عليه و سلم قد أصبح بين أظهركم ، وهؤلاء ذرّيّته وعترته وبناته و حريمة ، فهاتوا ما الذي عندكم وما تريدون أن تصنعوا بهم؟

فقالوا : نريد أن نمكّن منهم الأمير عبيد اللَّه بن زياد فيرى رأيه فيهم .
فقال برير بن حضير : ولا تقبلون منهم إن رجعوا إلى المكان الذي أقبلوا منه يا أهل الكوفة؟ أنسيتم كتبكم إليه وعهودكم الذي أعطيتموها من أنفسكم؟ وأشهدتم اللَّه عليها وكفى باللَّه شهيداً ، يا ويلكم! دعوتم أهل بيت نبيّكم وزعمتم أنّكم تقتلون أنفسكم دونهم ، حتّى إذا أتوا عليكم أسلمتموهم إلى عبيد اللَّه بن زياد وحِلتم بينهم وبين الماء الجاري ، وهو مبذول يشرب منه اليهود والنصارى والمجوس ، وترده الكلاب والخنازير؟! فبئس ما خلّفتم محمّداً صلى اللّه عليه و سلم في ذرّيّته! ما لكم لا سقاكم اللَّه يوم القيامة! ويلكم! هذا الحسن والحسين سيّدا أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين .

قال : وتقدّم عمر بن سعد حتّى وقف قبالة الحسين على فرس له ، فاستخرج سهماً فوضعه في كبد القوس ، ثمّ قال : أيّها الناس ، اشهدوا لي عند الأمير عبيد اللَّه

1.۵ / ۹۸


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
308

أبيتم ناجزناكم .

قال : فانصرف الفريقان بعضهم من بعض .
قال : وجاء الليل فبات الحسين في الليل ساجداً راكعاً مستغفراً يدعو اللَّه تعالى ، له دوي كدوي النحل .
قال : وأقبل الشمر بن ذي الجوشن (لعنه اللَّه) في نصف الليل ومعه جماعة من أصحابه حتّى تقارب من عسكر الحسين ، والحسين قد رفع صوته وهو يتلو هذه الآية : «وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ ... » إلى آخرها . قال : فصاح لعين من أصحاب شمر بن ذي الجوشن : نحن وربّ الكعبة الطيّبون ، وأنتم الخبيثون وقد ميّزنا منكم .

قال : فقطع برير الصلاة فناداه : يا فاسق! يا فاجر! يا عدوّ اللَّه! أَمثلك يكون من الطيّبين؟! ما أنت إلّا بهيمة ولا تعقل ، فأبشر بالنار يوم القيامة والعذاب الأليم .
قال : فصاح به شمر بن ذي الجوشن (لعنه اللَّه) وقال : أيّها المتكلّم ، إنّ اللَّه تبارك وتعالى قاتلك وقاتل صاحبك عن قريب!
فقال له برير : يا عدوّ اللَّه! أ بالموت تخوّفني ، واللَّه ، إنّ الموت أحبّ إلينا من الحياة معكم! واللَّه ، لا ينال شفاعة محمّد صلى اللّه عليه و سلم قوم أراقوا دماء ذرّيّته وأهل بيته .
قال : وأقبل رجل من أصحاب الحسين إلى برير بن حضير فقال له : رحمك اللَّه يا برير! إنّ أبا عبداللَّه يقول لك : ارجع إلى موضعك ولا تخاطب القوم ، فلعمري ، لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء فلقد نصحت وأبلغت في النصح .

فلمّا كان وقت السحر خفق الحسين رأسه خفقة ، ثمّ استيقظ فقال : أ تعلمون ما رأيت في منامي الساعة؟ قالوا : وما الذي رأيت يا ابن بنت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم ؟

فقال : رأيت كأنّ كلاباً قد شدّت عليّ تناشبني ، وفيها كلب أبقع رأيته أشدّها عليَّ ، وأظنّ الذي يتولّى قتلي رجل أبقع وأبرص من هؤلاء القوم ، ثمّ إنّي رأيت بعد

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5853
صفحه از 512
پرینت  ارسال به