ذلك جدّي ۱رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم ومعه جماعة من أصحابه وهو يقول لي : يا بنيّ ، أنت شهيد آل محمّد! وقد استبشرت بك أهل السماوات وأهل الصفح الأعلى ، فليكن إفطارك عندي الليلة ، عجّل ولا تؤخّر! فهذا أثرك قد نزل من السماء ليأخذ دمك في قارورة خضراء ، وهذا ما رأيت وقد أزف الأمر واقترب الرحيل من هذه الدنيا ، لا شكّ في ذلك .
قال : وأصبح الحسين وصلّى بأصحابه ، ثمّ قرّب إليه فرسه ، فاستوى عليه وتقدّم نحو القوم في نفر من أصحابه ، وبين يديه برير بن حضير الهمداني ، فقال له الحسين : كلّم القوم يا برير و احتجّ عليهم .
قال : فتقدّم برير حتّى وقف قريباً من القوم والقوم على بكرة قد زحفوا إليهم ، فقال لهم برير : يا هؤلاء ، اتّقوا اللَّه ، فإنّ نسل محمّد صلى اللّه عليه و سلم قد أصبح بين أظهركم ، وهؤلاء ذرّيّته وعترته وبناته و حريمة ، فهاتوا ما الذي عندكم وما تريدون أن تصنعوا بهم؟
فقالوا : نريد أن نمكّن منهم الأمير عبيد اللَّه بن زياد فيرى رأيه فيهم .
فقال برير بن حضير : ولا تقبلون منهم إن رجعوا إلى المكان الذي أقبلوا منه يا أهل الكوفة؟ أنسيتم كتبكم إليه وعهودكم الذي أعطيتموها من أنفسكم؟ وأشهدتم اللَّه عليها وكفى باللَّه شهيداً ، يا ويلكم! دعوتم أهل بيت نبيّكم وزعمتم أنّكم تقتلون أنفسكم دونهم ، حتّى إذا أتوا عليكم أسلمتموهم إلى عبيد اللَّه بن زياد وحِلتم بينهم وبين الماء الجاري ، وهو مبذول يشرب منه اليهود والنصارى والمجوس ، وترده الكلاب والخنازير؟! فبئس ما خلّفتم محمّداً صلى اللّه عليه و سلم في ذرّيّته! ما لكم لا سقاكم اللَّه يوم القيامة! ويلكم! هذا الحسن والحسين سيّدا أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين .
قال : وتقدّم عمر بن سعد حتّى وقف قبالة الحسين على فرس له ، فاستخرج سهماً فوضعه في كبد القوس ، ثمّ قال : أيّها الناس ، اشهدوا لي عند الأمير عبيد اللَّه