307
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

فأطرق الحسين ساعة ، والعبّاس واقف بين يديه ، وأصحاب الحسين يخاطبون أصحاب عمر بن سعد ، فقال لهم حبيب بن مظاهر : أما واللَّه ، لبئس القوم يقدمون غداً على اللَّه عزّ و جلّ وعلى رسوله محمّد صلى اللّه عليه و سلم وقد قتلوا ذرّيته وأهل بيته ، المجتهدين بالأسحار ، الذاكرين اللَّه كثيراً بالليل والنهار ، وشيعته الأتقياء الأبرار .
قال : فقال رجل من أصحاب عمر يقال له : عروة بن قيس : يا ابن مظاهر ، إنّك لتزكّي نفسك ما استطعت ، فقال له زهير : اتّق اللَّه يا ابن قيس ، ولا تكن من الذين يعينون على الضلال ويقتلون النفوس الزكية الطاهرة عترة خير الأنبياء!

فقال له عزرة بن قيس : إنّك لم تكن عندنا من شيعة أهل البيت إنّما كنت عثمانياً نعرفك .
هؤلاء في المخاطبة والحسين مفكّر في أمر نفسه وأمر الحرب والعباس واقف في حضرته .
قال : وأقبل العبّاس على القوم وهم وقوف فقال : يا هؤلاء ، إنّ أبا عبداللَّه يسألكم الانصراف عنه في هذا اليوم حتّى ينظر في هذا الأمر ، ثمّ يلقاكم غداً إن شاء اللَّه تعالى .

قال : فخبّر القوم بهذا أميرهم عمر بن سعد ، فقال للشمر بن ذي الجوشن : ما ترى من الرأي؟ فقال : أرى رأيك‏أيّها الأمير . فقال عمر : إنّني أحببت أن لا أكون أميراً ، قال : ثمّ إنّي اُكرهت .
قال : وأقبل عمر على أصحابه فقال : ما الذي عندكم في هذا الرأي؟ فقال رجل من أصحابه يقال له عمرو بن الحجّاج : سبحان اللَّه العظيم! لو كانوا من الترك والديلم وسألوا هذه المنزلة لقد كان حقّاً علينا أن نجيبهم إلى ذلك ، وكيف وهم آل الرسول محمّد صلى اللّه عليه و سلم ۱وأهله؟! فقال عمر بن سعد : إنّا قد أجّلناهم في يومنا هذا .

قال : فنادى رجل من أصحاب عمر : يا شيعة الحسين بن عليّ ، قد أجّلناكم يومكم هذا إلى غد ، فإن استسلمتم ونزلتم على حكم الأمير وجّهنا بكم إليه ، وإن

1.۵ / ۹۷


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
306

فقال الحسين : اللّهمّ حزه إلى النار ، وأذقه حرّها في الدنيا قبل مصيره إلى الآخرة!
قال : فلم يكن بأسرع أن شبّث به الفرس فألقته في النار ، فاحترق .
قال : فخر الحسين للَّه ساجداً مطيعاً ، ثمّ رفع رأسه وقال : يا لها من دعوة ما كان أسرع إجابتها! قال : ثمّ رفع الحسين صوته ونادى : اللّهمّ إنّا أهل بيت نبيّك وذرّيّته وقرابته ، فاقصم من ظلمنا وغصبنا حقّنا ، إنّك سميع مجيب .

قال : وإذا المنادي ينادي من عسكر عمر : يا جند اللَّه اركبوا! قال : فركب الناس وساروا نحو معسكر الحسين ، والحسين في وقته ذلك جالس قد خفق رأسه على ركبتيه ، وسمعت اُخته زينب (رضي اللَّه عنها) الصيحة والضجّة ، فدنت من أخيها وحرّكته ، فقالت : يا أخي! ألا تسمع الأصوات قد اقتربت منّا؟ قال : فرفع الحسين رأسه وقال : يا اُختاه! إنّي رأيت جدّي في المنام وأبي عليّاً وفاطمة اُمّي وأخي الحسن عليهم السلام فقالوا : يا حسين ، إنّك رائح إلينا عن قريب ، وقد واللَّه يا اُختاه دنا الأمر في ذلك ، لا شكّ .

قال : فلطمت زينب وجهها وصاحت : وا خيبتاه! فقال الحسين : مهلاً! اسكتي ولا تصيحي فتشمت بنا الأعداء .
ثمّ أقبل الحسين على أخيه العبّاس فقال : يا أخي اركب وتقدّم إلى هؤلاء القوم وسلهم عن حالهم وارجع إليَّ بالخبر .
قال : فركب العبّاس في إخوته (رضي اللَّه عنهم) ومعه أيضاً عشرة فوارس حتّى دنا من القوم ، ثمّ قال : ما شأنكم وما تريدون؟ فقالوا : نريد أنّه قد جاء الأمر من عند عبيد اللَّه بن زياد يأمرنا أن نعرض عليكم أن تنزلوا على أمر عبيد اللَّه بن زياد أو نلحقكم بمن سلف!

فقال لهم العبّاس : لا تعجلوا حتّى أرجع إلى الحسين فاُخبره بذلك .

قال : فوقف القوم في ۱مواضعهم ، ورجع العبّاس إلى الحسين فأخبره بذلك ،

1.۵ / ۹۶

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6000
صفحه از 512
پرینت  ارسال به