فقال الحسين : اللّهمّ حزه إلى النار ، وأذقه حرّها في الدنيا قبل مصيره إلى الآخرة!
قال : فلم يكن بأسرع أن شبّث به الفرس فألقته في النار ، فاحترق .
قال : فخر الحسين للَّه ساجداً مطيعاً ، ثمّ رفع رأسه وقال : يا لها من دعوة ما كان أسرع إجابتها! قال : ثمّ رفع الحسين صوته ونادى : اللّهمّ إنّا أهل بيت نبيّك وذرّيّته وقرابته ، فاقصم من ظلمنا وغصبنا حقّنا ، إنّك سميع مجيب .
قال : وإذا المنادي ينادي من عسكر عمر : يا جند اللَّه اركبوا! قال : فركب الناس وساروا نحو معسكر الحسين ، والحسين في وقته ذلك جالس قد خفق رأسه على ركبتيه ، وسمعت اُخته زينب (رضي اللَّه عنها) الصيحة والضجّة ، فدنت من أخيها وحرّكته ، فقالت : يا أخي! ألا تسمع الأصوات قد اقتربت منّا؟ قال : فرفع الحسين رأسه وقال : يا اُختاه! إنّي رأيت جدّي في المنام وأبي عليّاً وفاطمة اُمّي وأخي الحسن عليهم السلام فقالوا : يا حسين ، إنّك رائح إلينا عن قريب ، وقد واللَّه يا اُختاه دنا الأمر في ذلك ، لا شكّ .
قال : فلطمت زينب وجهها وصاحت : وا خيبتاه! فقال الحسين : مهلاً! اسكتي ولا تصيحي فتشمت بنا الأعداء .
ثمّ أقبل الحسين على أخيه العبّاس فقال : يا أخي اركب وتقدّم إلى هؤلاء القوم وسلهم عن حالهم وارجع إليَّ بالخبر .
قال : فركب العبّاس في إخوته (رضي اللَّه عنهم) ومعه أيضاً عشرة فوارس حتّى دنا من القوم ، ثمّ قال : ما شأنكم وما تريدون؟ فقالوا : نريد أنّه قد جاء الأمر من عند عبيد اللَّه بن زياد يأمرنا أن نعرض عليكم أن تنزلوا على أمر عبيد اللَّه بن زياد أو نلحقكم بمن سلف!
فقال لهم العبّاس : لا تعجلوا حتّى أرجع إلى الحسين فاُخبره بذلك .
قال : فوقف القوم في ۱مواضعهم ، ورجع العبّاس إلى الحسين فأخبره بذلك ،