فقال له العبّاس بن عليّ رضى اللَّه عنه : تبّاً لك يا شمر ولعنك اللَّه ولعن ما جئت به من أمانك هذا يا عدوّ اللَّه! أتأمرنا أن ندخل في طاعة العناد ونترك نصرة أخينا الحسين رضى اللَّه عنه .
قال : فرجع الشمر إلى معسكره مغتاظاً .
و جمع الحسين أصحابه بين يديه ، وحمد اللَّه وأثنى عليه ، وقال :
اللّهمّ لك ۱الحمد على ما به فضّلتنا وعلّمتنا من القرآن ، وفهّمتنا في الدين ، وأكرمتنا به من كرامة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم ، وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة وجعلتنا من الشاكرين .
ثمّ أقبل عليهم وقال : إنّي لا أعلم أصحاباً أصحّ منكم ولا أعدل ولا أفضل أهل بيت ، فجزاكم اللَّه عني خيراً ، فهذا الليل قد أقبل فقوموا واتّخذوه جملاً ، وليأخذ كلّ رجل منكم بيد صاحبه أو رجل من إخوتي وتفرّقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم ، فإنّهم لا يطلبون غيري ، ولو أصابوني وقدروا على قتلي لما طلبوكم .
قال : فعندها تكلّم إخوته وجميع أهل بيته فقالوا : يا ابن بنت رسول اللَّه ، وماذا يقول الناس؟! و ماذا نقول لهم إذا تركنا شيخنا وسيّدنا وابن بنت نبيّنا محمّد صلى اللّه عليه و سلم ؟! لم نرم معه بسهم ، ولا نطعن عنه برمح ، ولا نضرب معه بسيف؟! لا واللَّه يا ابن بنت رسول اللَّه ، لا نفارقك أبداً ، ولكنّنا نفديك بأنفسنا ونقتل بين يديك ، ونرد موردك ، فقبّح اللَّه العيش بعدك .
قال : ثمّ قام مسلم بن عوسجة الأسدي وقال : يا ابن بنت رسول اللَّه ، نحن عليك هكذا ، وننصرف وقد أحاط بك الأعداء! لا واللَّه ، لا يراني اللَّه أفعل ذلك أبداً حتّى أكسر في صدورهم رمحي واُضاربهم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي! وو اللَّه ، لو لم يكن معي سلاح اُقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة أبداً ، ولم اُفارقهم أو أموت بين يديك .
قال : ثمّ قام إليه جماعة كلّهم على نصرته وقالوا : نفديك أنفسنا .
۲قال : وأرسل إليه الحسين رضى اللَّه عنه بريراً ، فقال برير : يا عمر بن سعد ، أ تترك أهل بيت النبوّة يموتون عطشاً وحِلتَ بينهم وبين الفرات أن يشربوه وتزعم أنّك