295
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

أقبل ۱إلى أصحابه فقال لهم : أ هذه كربلاء؟ فقالوا : نعم .

ذكر نزول الحسين رضى اللَّه عنه بكربلاء

فقال الحسين لأصحابه : انزلوا هذا موضع كرب وبلاء ، ههنا مناخ ركابنا ومحطّ رحالنا وسفك دمائنا .

قال : فنزل القوم وحطّوا الأثقال ناحية من الفرات ، وضربت خيمة الحسين لأهله وبنيه ، وضرب عشيرته خيامهم من حول خيمته ، وجلس الحسين وأنشأ يقول :

يا دَهرُ اُفٍّ لَكَ مِن خَليلِ‏كَم لَكَ بالإِشراقِ والأَصِيلِ‏
مِن طالبٍ وصاحِبٍ قَتيلِ‏وَ كُلُّ حَيٍّ عابِرٌ سبيلِ‏
ما أقرَبَ الوَعدَ مِن الرَحِيلِ‏و إِنّما الأَمرُ إِلى الجَليلِ‏
قال : وسمعت ذلك اُخت الحسين زينب واُمّ كلثوم فقالتا : يا أخي ، هذا كلام من أيقن بالقتل؟! فقال : نعم يا اُختاه! فقالت زينب : وا ثكلاه! ليت الموت أعدمني الحياة! مات جدّي رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم ، ومات أبي عليّ ، وماتت اُمّي فاطمة ، ومات أخي الحسن عليهم السلام ، والآن ينعى إليَّ الحسين نفسه ، قال : وبكت النسوة ولطمن الخدود .

قال : وجعلت اُمّ كلثوم تنادي : وا جدّاه! وا أبي عليّاه! وا اُمّاه! وا حسناه! وا حسيناه! وا ضيعتنا بعدك! وا أبا عبداللَّه!
فعذّلها الحسين وصبّرها وقال لها : يا اُختاه ، تعزّي بعزاء اللَّه وارضي بقضاء اللَّه ، فإنّ سكّان السماوات يفنون ، وأهل الأرض يموتون ، وجميع البرية لا يبقون ، وكلّ شي‏ء هالك إلّا وجهه ، له الحكم وإليه ترجعون ، وإنّ لي ولك ولكلّ مؤمن ومؤمنة اُسوة بمحمّد صلى اللّه عليه و سلم . ثمّ قال لهنّ : انظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن عليّ جيباً ولا تخمشن وجهاً .

قال : فأقبل الحرّ بن يزيد حتّى نزل حذاء الحسين في ألف فارس ، ثمّ كتب إلى عبيد اللَّه بن زياد يخبره أنّ الحسين نزل بأرض كربلاء .

1.۵ / ۸۲


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
294

قال : فأمر به فاُدخل المسجد الأعظم ، ثمّ صعد المنبر وجمع له الناس ۱ليجتمعوا ويسمعوا اللعنة ، فلمّا علم قيس أنّ الناس قد اجتمعوا وثب قائماً ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ صلّى على محمّد وآله ، وأكثر الترحّم على عليّ وولده ، ثمّ لعن عبيد اللَّه بن زياد ، ولعن أباه ، و لعن عتاة بني اُميّة عن آخرهم ، ثمّ دعا الناس إلى نصرة الحسين بن عليّ .

فاُخبر بذلك عبيد اللَّه بن زياد فاُصعد على أعلى القصر ، ثمّ رمي به على رأسه فمات رحمه اللّه .
و بلغ ذلك الحسين فاستعبر باكياً ، ثم قال : اللّهمّ اجعل لنا ولشيعتك منزلاً كريماً عندك واجمع بيننا وإيّاهم في مستقرّ رحمتك ، إنّك على كلّ شي‏ء قدير .
قال : فوثب إلى الحسين رجل من شيعته يقال له : هلال ، فقال : يا ابن بنت رسول اللَّه ، تعلم أنّ جدّك رسول اللَّه لا يقدر أن يشرب اللَّه الخلائق محبّته ، ولا أن يرجعوا من أمرهم إلى ما يحبّ ، وقد كان منهم منافقون يبدونه النصر ويضمرون له الغدر ، يلقونه بأحلى من العسل ويلحقونه بأمرّ من الحنظل ، حتّى توفّاه اللَّه عزّ و جلّ ، وأنّ أباك عليّاً قد كان في مثل ذلك ، فقوم أجمعوا على نصره وقاتلوا معه المنافقين والفاسقين والمارقين والقاسطين حتّى أتاه أجله ، وأنتم اليوم عندنا في مثل ذلك الحال ، فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه واللَّه يغني عنه ، فسر بنا راشداً مشرّقاً إن شئت أو مغرّباً ، فو اللَّه ، ما أشفقنا من قدر اللَّه ، ولا كرهنا لقاء ربّنا ، وإنّا على نيّاتنا ونصرتنا ، نوالي من والاك ونعادي من عاداك .

قال : فخرج الحسين وولده وإخوته وأهل بيته (رحمة اللَّه عليهم) بين يديه ، فنظر إليهم ساعة و بكى وقال : اللّهمّ! إنّا عترة نبيّك محمّد صلى اللّه عليه و سلم وقد اُخرجنا وطردنا عن حرم جدّنا ، وتعدّت بنو اُميّة علينا ، فخذ بحقّنا وانصرنا على القوم الكافرين .

قال : ثمّ صاح الحسين في عشيرته ورحل من موضعه ذلك حتّى نزل كربلاء في يوم الأربعاء أو يوم الخميس وذلك في الثاني من المحرّم سنة إحدى وستّين ، ثمّ

1.۵ / ۸۱

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5833
صفحه از 512
پرینت  ارسال به