أقبل ۱إلى أصحابه فقال لهم : أ هذه كربلاء؟ فقالوا : نعم .
ذكر نزول الحسين رضى اللَّه عنه بكربلاء
فقال الحسين لأصحابه : انزلوا هذا موضع كرب وبلاء ، ههنا مناخ ركابنا ومحطّ رحالنا وسفك دمائنا .
قال : فنزل القوم وحطّوا الأثقال ناحية من الفرات ، وضربت خيمة الحسين لأهله وبنيه ، وضرب عشيرته خيامهم من حول خيمته ، وجلس الحسين وأنشأ يقول :
يا دَهرُ اُفٍّ لَكَ مِن خَليلِكَم لَكَ بالإِشراقِ والأَصِيلِ
مِن طالبٍ وصاحِبٍ قَتيلِوَ كُلُّ حَيٍّ عابِرٌ سبيلِ
ما أقرَبَ الوَعدَ مِن الرَحِيلِو إِنّما الأَمرُ إِلى الجَليلِ
قال : وسمعت ذلك اُخت الحسين زينب واُمّ كلثوم فقالتا : يا أخي ، هذا كلام من أيقن بالقتل؟! فقال : نعم يا اُختاه! فقالت زينب : وا ثكلاه! ليت الموت أعدمني الحياة! مات جدّي رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم ، ومات أبي عليّ ، وماتت اُمّي فاطمة ، ومات أخي الحسن عليهم السلام ، والآن ينعى إليَّ الحسين نفسه ، قال : وبكت النسوة ولطمن الخدود .
قال : وجعلت اُمّ كلثوم تنادي : وا جدّاه! وا أبي عليّاه! وا اُمّاه! وا حسناه! وا حسيناه! وا ضيعتنا بعدك! وا أبا عبداللَّه!
فعذّلها الحسين وصبّرها وقال لها : يا اُختاه ، تعزّي بعزاء اللَّه وارضي بقضاء اللَّه ، فإنّ سكّان السماوات يفنون ، وأهل الأرض يموتون ، وجميع البرية لا يبقون ، وكلّ شيء هالك إلّا وجهه ، له الحكم وإليه ترجعون ، وإنّ لي ولك ولكلّ مؤمن ومؤمنة اُسوة بمحمّد صلى اللّه عليه و سلم . ثمّ قال لهنّ : انظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن عليّ جيباً ولا تخمشن وجهاً .
قال : فأقبل الحرّ بن يزيد حتّى نزل حذاء الحسين في ألف فارس ، ثمّ كتب إلى عبيد اللَّه بن زياد يخبره أنّ الحسين نزل بأرض كربلاء .