293
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

أتتني كتبكم وقدمت عليّ رسلكم ببيعتكم أنّكم لا تخذلوني ، فإن وفيتم لي ببيعتكم فقد استوفيتم حقّكم وحظّكم ورشدكم ، ونفسي مع أنفسكم ، وأهلي وولدي مع أهاليكم ۱وأولادكم ، فلكم فيَّ اُسوة ، وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم ومواثيقكم وخلعتم بيعتكم ، فلعمري ما هي منكم بنكر ، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمّي! هل المغرور إلّا من اغترّ بكم؟ فإنّما حقّكم أخطأتم ونصيبكم ضيّعتم ، ومن نكث فإنّما ينكث على نفسه ، وسيغني اللَّه عنكم ، والسلام .

قال : ثمّ طوى الكتاب وختمه ودفعه إلى قيس بن مسهر الصيداوي ، وأمره أن يسير إلى الكوفة .
قال : فمضى قيس إلى الكوفة وعبيد اللَّه بن زياد قد وضع المراصد والمصابيح على الطرق ، فليس أحد يقدر أن يجوز إلّا فتّش ، فلمّا تقارب من الكوفة قيس بن مسهر لقيه عدوّ اللَّه يقال له : الحصين بن نمير السكوني ، فلمّا نظر إليه قيس كأنّه اتّقى على نفسه ، فأخرج الكتاب سريعاً فمزّقه عن آخره .

قال : وأمر الحصين أصحابه فأخذوا قيساً وأخذوا الكتاب ممزّقاً حتّى أتوا به إلى عبيد اللَّه بن زياد .
فقال له عبيد اللَّه بن زياد : مَن أنت؟ قال : أنا رجل من شيعة أمير المؤمنين الحسين بن عليّ (رضي اللَّه عنهما) .

قال : فلِمَ خرقت الكتاب الذي كان معك؟ قال : خوفاً ، حتّى لا تعلم ما فيه! قال : وممّن كان هذا الكتاب وإلى مَن كان؟ فقال : كان من الحسين إلى جماعة من أهل الكوفة لا أعرف أسماءهم .
قال : فغضب ابن زياد غضباً عظيماً ، ثمّ قال : واللَّه ، لا تفارقني أبداً أو تدلّني على هؤلاء القوم الذي كتب إليهم هذا الكتاب ، أو تصعد المنبر فتسبّ الحسين وأباه وأخاه ، فتنجو من يدي أو لاُقطّعنّك .

فقال قيس: أمّا هؤلاء القوم فلا أعرفهم، وأمّا لعنة الحسين وأبيه وأخيه فإنّي أفعل.

1.۵ / ۸۰


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
292

فقال الحسين : فذرنا حتّى ننزل بقرية نينوى أو الغاضرية ، فقال الحرّ : لا واللَّه ، ما أستطيع ذلك ، هذا رسول عبيد اللَّه بن زياد معي ، وربّما بعثه عيناً عليَّ .
قال : فأقبل الحسين بن عليّ على رجل من أصحابه يقال له : زهير بن القين البجلي ، فقال له : يا ابن بنت رسول ۱اللَّه ، ذرنا حتّى نقاتل هؤلاء القوم ، فإن قتالنا الساعة نحن وإيّاهم أيسر علينا وأهون من قتال من يأتينا من بعدهم .

فقال الحسين : صدقت يا زهير ، ولكن ما كنت بالذي أنذرهم بقتال حتّى يبتدروني .
فقال له زهير : فسر بنا حتّى نصير بكربلاء فإنّها على شاطئ الفرات ، فنكون هنالك ، فإن قاتلونا قاتلناهم واستعنا باللَّه عليهم .

قال : فدمعت عينا الحسين ، ثمّ قال : اللّهمّ ، ثمّ اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الكرب والبلاء! قال : ونزل الحسين في موضعه ذلك ، ونزل الحرّ بن يزيد حذاءه في ألف فارس ، ودعا الحسين بدواة وبياض وكتب إلى أشراف الكوفة ممّن كان يظنّ أنّه على رأيه .

ذكر كتاب الحسين رضى اللَّه عنه إلى أهل الكوفة

بسم اللَّه الرحمن الرحيم‏
من الحسين بن عليّ ، إلى سليمان بن صرد والمسيّب بن نجبة ورفاعة بن شدّاد وعبداللَّه بن وال ، وجماعة المؤمنين ، أمّا بعد؛ فقد علمتهم أنّ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم قد قال في حياته : مَن رأى سلطاناً جائراً مستحلاًّ لحرام أو تاركاً لعهد اللَّه ومخالفاً لسنّة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم ، فعمل في عباد اللَّه بالإثم والعدوان ، ثمّ لم يغيّر عليه بقول ولا فعل ، كان حقّاً على اللَّه أن يدخله مدخله ، وقد علمتم أنّ هؤلاء لزموا طاعة الشيطان وتولّوا عن طاعة الرحمن ، وأظهروا الفساد ، وعطّلوا الحدود ، واستأثروا بالفي‏ء ، وأحلّوا حرام اللَّه وحرّموا حلاله ، وأنا أحقّ من غيري بهذا الأمر؛ لقرابتي من رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم ، وقد

1.۵ / ۷۹

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5708
صفحه از 512
پرینت  ارسال به