أيديهم ، ثمّ تنحّى ، فتقدّموا ونظروا إلى عنوانها ، ثمّ تنحّوا .
فقال الحرّ بن يزيد : أبا عبداللَّه ، لسنا من القوم الذين كتبوا إليك هذه الكتب ، وقد اُمرنا إن لقيناك لا نفارقك حتّى نأتي بك على الأمير ، فتبسّم الحسين ثمّ قال : يا ابن الحرّ ، أو تعلم أنَّ الموتَ أدنى إليك من ذلك ، ثمّ التفت الحسين فقال : احملوا النساء ليركبوا حتّى تنظر ما الذي يصنع هذا وأصحابه؟
قال : فركب أصحاب الحسين وساقوا النساء بين أيديهم ، فقدمت خيل الكوفة حتّى حالت بينهم وبين المسير ، فضرب الحسين بيده إلى سيفه ثمّ صاح بالحرّ : ثكلتك اُمّك! ما الذي تريد أن تصنع؟ فقال الحرّ : أما واللَّه ، لو قالها غيرك من العرب لرددتها عليه كائناً من كان ، ولكن لا واللَّه ما لي إلى ذلك سبيل من ذكر اُمّك ، غير أنّه لابدّ ۱أن أنطلق بك إلى عبيد اللَّه بن زياد ، فقال له الحسين : إذاً واللَّه لا أتبعك أو تذهب نفسي .
قال الحرّ : إذاً واللَّه لا اُفارقك أو تذهب نفسي وأنفس أصحابي .
قال الحسين : برّز أصحابي وأصحابك وابرز إليَّ ، فإن قتلتني خذ برأسي إلى ابن زياد ، وإن قتلتك أرحت الخلق منك .
فقال الحرّ : أبا عبداللَّه ، إنّي لم اُومر بقتلك ، وإنّما اُمرت أن لا أفارقك أو أقدم بك على ابن زياد ، وأنا واللَّه كاره إن سلبني اللَّه بشيء من أمرك ، غير أنّي قد أخذت ببيعة القوم وخرجت إليك ، وأنا أعلم أنّه لا يوافي القيامة أحدٌ من هذه الاُمّة إلّا وهو يرجو شفاعة جدّك محمّد صلى اللّه عليه و سلم ، وأنا خائف إن أنا قاتلتك أن أخسر الدنيا والآخرة ، ولكن أنا أبا عبداللَّه لست أقدر الرجوع إلى الكوفة في وقتي هذا ، ولكن خذ عنّي هذا الطريق وامضِ حيث شئت حتّى أكتب إلى ابن زياد أنّ هذا خالفني في الطريق فلم أقدر عليه ، وأنا أنشدك اللَّه في نفسك .
فقال الحسين : يا حرّ ، كأنّك تخبرني أنّي مقتول؟! فقال الحرّ : أبا عبداللَّه ، نعم ما أشكّ في ذلك إلّا أن ترجع من حيث جئت . فقال الحسين : ما أدري ما أقول لك!