289
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

من عبيد اللَّه بن زياد إلى الحرّ بن يزيد؛ أمّا بعد؛ يا أخي ، إذا أتاك كتابي فجعجع بالحسين ولا تفارقه حتّى تأتيني به ، فإنّي أمرت رسولي أن لا يفارقك حتّى يأتيني بإنفاذ أمري إليك ، و السلام .
قال : فلمّا قرأ الحرّ الكتاب بعث إلى ثقات أصحابه فدعاهم ، ثمّ قال : ويحكم ورد عليّ كتاب عبيد اللَّه بن زياد يأمرني أن أقدم إلى الحسين بما يسوؤه ، وو اللَّه ، ما تطاوعني نفسي ولا تجيبني إلى ذلك .

فالتفت رجل من أصحاب الحرّ بن يزيد يكنّى أبا الشعثاء الكندي إلى رسول عبيد اللَّه بن زياد ، فقال له : فيما ذا جئت ثكلتك اُمّك؟ فقال له : أطعت إمامي ووفيت ببيعتي وجئت برسالة أميري .
فقال له أبو الشعثاء : لقد عصيتَ ربّك وأطعت إمامك ، وأهلكت نفسك واكتسبت عاراً ، فبئس الإمام إمامك! قال اللَّه عزّ و جلّ : ۱«وَ جَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ» .

قال : ودنت صلاة العصر فأمر الحسين مؤذّنه فأذّن وأقام الصلاة ، وتقدّم الحسين فصلّى بالعسكرين ، فلمّا انصرف من صلاته وثب قائماً على قدميه ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :
أيّها الناس ، أنا ابن بنت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم ، ونحن أولى بولاية هذه الاُمور عليكم من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم ، والسائرين فيكم بالظلم والعدوان ، فإن تثقوا باللَّه وتعرفوا الحقّ لأهله فيكون ذلك للَّه رضى ، وإن كرهتمونا وجهلتم حقّنا وكان رأيكم على خلاف ما جاءت به كتبكم وقدمت به رسلكم انصرفت عنكم .

قال : فتكلّم الحرّ بن يزيد بينه وبين أصحابه فقال : أبا عبداللَّه ، ما نعرف هذه الكتاب ولا من هؤلاء الرسل!

قال : فالتفتَ الحسين إلى غلام له : يقال له عقبة بن سمعان ، فقال : يا عقبة ، هات الخرجين اللذين فيهما الكتب : فجاء عقبة بكتب أهل الشام والكوفة فنثرها بين

1.۵ / ۷۶


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
288

السلاح لا يرى منهم إلّا حماليق الحدق ، فلمّا نظر إليهم الحسين رضى اللَّه عنه وقف في أصحابه ، ووقف الحرّ بن يزيد في أصحابه ، فقال الحسين :

أيّها القوم ، من أنتم؟ قالوا : نحن أصحاب الأمير عبيد اللَّه بن زياد ، فقال الحسين : ومن قائدكم؟ قالوا : الحرّ بن يزيد الرياحي .
قال : فناداه الحسين رضى اللَّه عنه : ويحك بن يزيد! أَ لَنا أم علينا؟ فقال الحرّ : بل عليك أبا عبداللَّه! فقال الحسين : لا حول ولا قوّة إلّا باللَّه .
قال : ودنت صلاة الظهر ، فقال الحسين رضى اللَّه عنه للحجّاج بن مسروق : أذّن رحمك اللَّه وأقم الصلاة حتّى نصلّي ، قال : فأذّن الحجّاج ، فلمّا فرغ من أذانه صاح الحسين بالحرّ بن يزيد فقال له : يا ابن يزيد ، أ تريد أن تصلّي بأصحابك واُصلي بأصحابي؟

فقال له الحرّ : بل أنت تصلّي بأصحابك ونصلّي بصلاتك .
فقال الحسين رضى اللَّه عنه للحجّاج بن مسروق : أقم الصلاة! فأقام ، وتقدّم الحسين فصلّى بالعسكرين جميعاً .
فلمّا فرغ من صلاته وَثبَ قائماً فاتّكأ على قائمة سيفه ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ۱ثمّ قال :
أيّها الناس ، إنّها معذرة إلى اللَّه وإلى من حضر من المسلمين ، إنّي لم أقدم على هذا البلد حتّى أتتني كتبكم وقدمت عليّ رسلكم أن أقدم إلينا إنّه ليس علينا إمام فلعلّ اللَّه أن يجمعنا بك على الهدى ، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم ، فإن تعطوني ما يثق به قلبي من عهودكم ومن مواثيقكم دخلت معكم إلى مصركم ، وإن لم تفعلوا وكنتم كارهين لقدومي عليكم انصرفت إلى المكان الذي أقبلت منه إليكم .
قال : فسكت القوم عنه ولم يجيبوا بشي‏ء .

و أمر الحرّ بن يزيد بخيمة له فضربت ، فدخلها وجلس فيها . فلم يزل الحسين رضى اللَّه عنه واقفاً مقابلهم ، وكلّ واحد منهم آخذ بعنان فرسه ، وإذا كتاب قد ورد من الكوفة :

1.۵ / ۷۵

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 8063
صفحه از 512
پرینت  ارسال به