من عبيد اللَّه بن زياد إلى الحرّ بن يزيد؛ أمّا بعد؛ يا أخي ، إذا أتاك كتابي فجعجع بالحسين ولا تفارقه حتّى تأتيني به ، فإنّي أمرت رسولي أن لا يفارقك حتّى يأتيني بإنفاذ أمري إليك ، و السلام .
قال : فلمّا قرأ الحرّ الكتاب بعث إلى ثقات أصحابه فدعاهم ، ثمّ قال : ويحكم ورد عليّ كتاب عبيد اللَّه بن زياد يأمرني أن أقدم إلى الحسين بما يسوؤه ، وو اللَّه ، ما تطاوعني نفسي ولا تجيبني إلى ذلك .
فالتفت رجل من أصحاب الحرّ بن يزيد يكنّى أبا الشعثاء الكندي إلى رسول عبيد اللَّه بن زياد ، فقال له : فيما ذا جئت ثكلتك اُمّك؟ فقال له : أطعت إمامي ووفيت ببيعتي وجئت برسالة أميري .
فقال له أبو الشعثاء : لقد عصيتَ ربّك وأطعت إمامك ، وأهلكت نفسك واكتسبت عاراً ، فبئس الإمام إمامك! قال اللَّه عزّ و جلّ : ۱«وَ جَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ» .
قال : ودنت صلاة العصر فأمر الحسين مؤذّنه فأذّن وأقام الصلاة ، وتقدّم الحسين فصلّى بالعسكرين ، فلمّا انصرف من صلاته وثب قائماً على قدميه ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :
أيّها الناس ، أنا ابن بنت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم ، ونحن أولى بولاية هذه الاُمور عليكم من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم ، والسائرين فيكم بالظلم والعدوان ، فإن تثقوا باللَّه وتعرفوا الحقّ لأهله فيكون ذلك للَّه رضى ، وإن كرهتمونا وجهلتم حقّنا وكان رأيكم على خلاف ما جاءت به كتبكم وقدمت به رسلكم انصرفت عنكم .
قال : فتكلّم الحرّ بن يزيد بينه وبين أصحابه فقال : أبا عبداللَّه ، ما نعرف هذه الكتاب ولا من هؤلاء الرسل!
قال : فالتفتَ الحسين إلى غلام له : يقال له عقبة بن سمعان ، فقال : يا عقبة ، هات الخرجين اللذين فيهما الكتب : فجاء عقبة بكتب أهل الشام والكوفة فنثرها بين