فقال الحسين : لمن هذا الفسطاط؟ فقيل : لرجل يقال له : عبيد اللَّه بن الحرّ الجعفي .
قال : فأرسل الحسين برجل من أصحابه يقال له : الحجّاج بن مسروق الجعفي ، فأقبل حتّى دخل عليه في فسطاطه فسلّم عليه فردّ عليه السلام ، ثمّ قال : ما وراءك؟ فقال الحجّاج : واللَّه ، ورائي يا ابن الحرّ! واللَّه ، قد أهدى اللَّه إليك كرامة إن قبلتها! قال : وما ذاك؟ فقال : هذا الحسين بن عليّ (رضي اللَّه عنهما) يدعوك إلى نصرته ، فإن قاتلت بين يديه اُجرت ، وإن متّ فإنّك استشهدت .
فقال له عبيد اللَّه : واللَّه ، ما خرجت من الكوفة إلّا مخافة أن يدخلها الحسين بن عليّ وأنا فيها ، فلا أنصره؛ لأنّه ليس له في الكوفة شيعة ولا أنصار إلّا وقد مالوا إلى الدنيا إلّا من عصم اللَّه ۱منهم ، فارجع إليه وخبّره بذاك .
فأقبل الحجّاج إلى الحسين فخبّره بذلك ، فقام الحسين ثمّ صار إليه في جماعة من إخوانه ، فلمّا دخل وسلّم وثب عبيد اللَّه بن الحرّ من صدر المجلس ، وجلس الحسين فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :
أمّا بعد؛ يا ابن الحرّ ، فإن مصركم هذه كتبوا إليّ وخبّروني أنّهم مجتمعون على نصرتي ، وأن يقوموا دوني ويقاتلوا عدوّي ، وأنّهم سألوني القدوم عليهم ، فقدمت ولست أدري القوم على ما زعموا؛ لأنّهم قد أعانوا على قتل ابن عمّي مسلم بن عقيل رحمه اللّه وشيعته ، وأجمعوا على ابن مرجانة عبيد اللَّه بن زياد يبايعني ليزيد بن معاوية ، وأنت يا ابن الحرّ ، فاعلم أنّ اللَّه عزّ و جلّمؤاخذك بما كسبت وأسلفت من الذنوب في الأيّام الخالية ، وأنا أدعوك في وقتي هذا إلى توبة تغسل بها ما عليك من الذنوب ، وأدعوك إلى نصرتنا أهل البيت ، فإن اُعطينا حقّنا حمدنا اللَّه على ذلك وقبلناه ، وإن منعنا حقّنا وركبنا بالظلم كنت من أعواني على طلب الحقّ .
فقال عبيد اللَّه بن الحرّ : واللَّه يا ابن بنت رسول اللَّه ، لو كان لك بالكوفة أعوان يقاتلون معكَ لكنت أنا أشدّهم على عدوّك ، ولكنّي رأيت شيعتك بالكوفة وقد لزموا