279
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

۱ثمّ بعد ذلك أقبل عبداللَّه بن عبّاس إليه فدخل وقال : يا ابن بنت رسول اللَّه ، إنّي قد رأيت رأيين إن قبلت منّي .
فقال الحسين : وما ذاك؟ قال : تخرج إلى بلاد اليمن ، فإنّ فيها حصوناً وشعاباً ، وهي أرض عريضة طويلة ، وإن لك بها شيعة وأنت عن الناس في عزلة ، فإذا استوطنت بها اكتب إلى الناس وأعلمهم مكانك .

فقال الحسين : يا ابن عمّي ، إنّي لأعلم أنّك ناصح شفوق ، ولكنّي أزمعت على المسير إلى العراق ، ولابدّ من ذلك .
فأطرق ابن عبّاس رحمه اللّه ساعة ، ثمّ قال : يا ابن بنت رسول اللَّه ، إن كنت قد أزمعت ولابدّ لك من ذلك فلا تسر بنسائك وأولادك؛ فإني خائف عليك أن تقتل كما قتل عثمان بن عفّان رضى اللَّه عنه وأهله وولده ينظرون إليه ولا يقدرون له على حيلة ، واللَّه يا ابن بنت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم ، لقد أقررت عين ابن الزبير بخروجك عن مكّة وتخليتك إيّاه هذا البلد ، وهو اليوم لا ينظر إليه ، فإذا خرجت نظر إليه الناس بعد ذلك .

فقال الحسين رضى اللَّه عنه :
إنّي أستخير اللَّه تعالى في هذا الأمر ماذا يكون .
قال : فخرج ابن عبّاس من عنده وهو يقول : وا حبيباه! ثمّ مرّ ابن عبّاس بابن الزبير وجعل يقول :

يا لَكِ مِن قُبَّرَةٍ بِمَعمَرِخَلا لَكِ الجوُّ فَبيضي واصفِري‏
نَقِّري ما شِئتِ أن تُنقِّري‏قَد رُفِعَ الفَخُّ فَماذا تَحذَرِي‏
لا بُدَّ مِن أَخذِكِ يوماً فاصبِرِي‏
۲قال : ثمّ أقبل ابن عبّاس إلى عبداللَّه بن الزبير فقال : قرّت عيناك يا ابن الزبير! هذا الحسين بن عليّ (رضي اللَّه عنهما) يخرج إلى العراق ويخلّيك والحجاز!

و انتقل الخبر بأهل المدينة أنّ الحسين بن عليّ يريد الخروج إلى العراق ، فكتب

1.۵ / ۶۶

2.۵ / ۶۷


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
278

فقال الحسين : هات ، فو اللَّه ، ما أنت عندي بمسي‏ء الرأي ، فقل ما أحببت .
فقال : قد بلغني أنّك تريد العراق وإنّي مشفق عليك من ذلك ، إنّك ترد إلى قوم فيهم الاُمراء ومعهم بيوت الأموال ، ولا آمن عليك أن يقاتلك مَن أنت أحبّ إليه من أبيه واُمّه ميلاً إلى الدنيا والدرهم ، فاتّق اللَّه ولا تخرج من هذا الحرم .

فقال له الحسين : ۱جزاك اللَّه خيراً يا بن عمّ! فقد علمت أنّك أمرت بنصح ، ومهما يقضي اللَّه من أمر فهو كائن ، أخذت برأيك أم تركته . قال : فانصرف عنه عمر بن عبد الرحمن وهو يقول :

رُبَّ مستنصحٍ سَيعصى ويؤذى‏و نَصيحٍ بالغيبِ يلفي نصيحا
قال : وقدم ابن عبّاس في تلك الأيّام إلى مكّة ، وقد بلغه أنّ الحسين عليه السلام يريد أن يصير إلى العراق ، فأقبل حتّى دخل عليه مسلّماً ، فقال : جعلت فداك يا ابن بنت رسول اللَّه! إنّه قد شاع الخبر في الناس وأرجفوا بأنّك سائر إلى العراق ، فبيّن لي ما أنت صانع؟

فقال الحسين : نعم ، إنّي أزمعت على ذلك في أيّامي هذه إن شاء اللَّه ، ولا قوّة إلّا باللَّه .
فقال ابن عبّاس رحمه اللّه : اُعيذك باللَّه من ذلك! فإن تصر إلى قوم قد قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم و نفوا عدوّهم ، في مسيرك إليهم لعمري الرشاد والسداد ، وإن كانوا إنّما دعوك إليهم وأميرهم قاهر لهم ، وعمّالهم يجبون بلادهم ، وإنّما دعوك إلى الحرب والقتال ، وإنّك تعلم أنّه بلد قد قُتِلَ فيه أبوك ، واغتيل فيه أخوك ، وقتل فيه ابن عمّك ، وبويع يزيد بن معاوية ، وعبيد اللَّه بن زياد في البلد يعطي ويفرض ، والناس اليوم إنّما هم عبيد الدينار والدرهم ، ولا آمن عليك أن تقتل ، فاتّق اللَّه والزم هذا الحرم .

فقال له الحسين : واللَّه ، أن اُقتل بالعراق أحبّ إليَّ من أن اُقتل بمكّة ، وما قضى اللَّه فهو كائن ، و أنا مع ذلك أستخير اللَّه وأنظر ما يكون .

1.۵ / ۶۵

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5958
صفحه از 512
پرینت  ارسال به