مسلم : أنت وأبوك أحقّ بالشتيمة منهم ، فاقضِ ما أنت قاضٍ ، فنحن أهل بيت موكّل بنا البلاء .
فقال عبيد اللَّه بن زياد : الحقوا به إلى أعلى القصر فاضربوا عنقه وألحقوا رأسه جسده .
فقال مسلم رحمه اللّه : أما واللَّه يا ابن زياد ، لو كنت من قريش أو كان بيني وبينك رحم أو قرابة لما قتلتني ، ولكنّك ابن أبيك .
قال : فأدخله ابن زياد القصر ثمّ دعا رجلاً من أهل الشام قد كان مسلم بن عقيل ضربه على رأسه ضربة منكرة ، فقال له : خذ مسلماً واصعد به إلى أعلى القصر واضرب عنقه بيدك ليكون ذلك أشفى لصدرك .
قال : فاُصعد مسلم بن عقيل رحمه اللّه إلى أعلى القصر ، وهو في ذلك يسبّح اللَّه تعالى ويستغفره ، وهو يقول : اللّهمّ احكم بيننا وبين قوم غرّونا وخذلونا ، فلم يزل كذلك حتّى اُتي به إلى أعلى القصر ، وتقدّم ذلك الشامي فضرب عنقه رحمه اللّه .
ثمّ نزل الشامي إلى عبيد اللَّه بن زياد وهو مدهوش ، فقال له ابن زياد : ما شأنك؟ أ قتلته؟ قال : نعم ، أصلح اللَّه الأمير ، إلّا أنّه عرض لي عارض فأنا له فزع مرعوب .
فقال : ما الذي عرض لك؟ قال : رأيت ساعة قتلته رجلاً حذاي أسود ۱كثير السواد ، كريه المنظر ، وهو عاضّ على إصبعيه - أو قال : شفتيه - ففزعت منه فزعاً لم أفزع قطّ مثله .
قال : فتبسّم ابن زياد وقال له : لعلّك دهشت ، وهذه عادة لم تعتدها قبل ذلك .
۲ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما اللَّه تعالى
قال : ثمّ أمر عبيد اللَّه بن زياد بهانئ بن عروة أن يخرج فيلحق بمسلم بن عقيل ، فقال محمّد بن الأشعث : أصلح اللَّه الأمير ، إنّك قد عرفت شرفه في عشيرته ، وقد عرف قومه أنّي وأسماء بن خارجة جئنا به إليك ، فأنشدك اللَّه أيّها الأمير ، إنّما وهبته لي فإنّي أخاف عداوة أهل بيته ، وإنّهم سادات أهل الكوفة وأكثرهم عدداً .