275
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

مسلم : أنت وأبوك أحقّ بالشتيمة منهم ، فاقضِ ما أنت قاضٍ ، فنحن أهل بيت موكّل بنا البلاء .

فقال عبيد اللَّه بن زياد : الحقوا به إلى أعلى القصر فاضربوا عنقه وألحقوا رأسه جسده .
فقال مسلم رحمه اللّه : أما واللَّه يا ابن زياد ، لو كنت من قريش أو كان بيني وبينك رحم أو قرابة لما قتلتني ، ولكنّك ابن أبيك .
قال : فأدخله ابن زياد القصر ثمّ دعا رجلاً من أهل الشام قد كان مسلم بن عقيل ضربه على رأسه ضربة منكرة ، فقال له : خذ مسلماً واصعد به إلى أعلى القصر واضرب عنقه بيدك ليكون ذلك أشفى لصدرك .

قال : فاُصعد مسلم بن عقيل رحمه اللّه إلى أعلى القصر ، وهو في ذلك يسبّح اللَّه تعالى ويستغفره ، وهو يقول : اللّهمّ احكم بيننا وبين قوم غرّونا وخذلونا ، فلم يزل كذلك حتّى اُتي به إلى أعلى القصر ، وتقدّم ذلك الشامي فضرب عنقه رحمه اللّه .
ثمّ نزل الشامي إلى عبيد اللَّه بن زياد وهو مدهوش ، فقال له ابن زياد : ما شأنك؟ أ قتلته؟ قال : نعم ، أصلح اللَّه الأمير ، إلّا أنّه عرض لي عارض فأنا له فزع مرعوب .

فقال : ما الذي عرض لك؟ قال : رأيت ساعة قتلته رجلاً حذاي أسود ۱كثير السواد ، كريه المنظر ، وهو عاضّ على إصبعيه - أو قال : شفتيه - ففزعت منه فزعاً لم أفزع قطّ مثله .
قال : فتبسّم ابن زياد وقال له : لعلّك دهشت ، وهذه عادة لم تعتدها قبل ذلك .

۲ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما اللَّه تعالى‏

قال : ثمّ أمر عبيد اللَّه بن زياد بهانئ بن عروة أن يخرج فيلحق بمسلم بن عقيل ، فقال محمّد بن الأشعث : أصلح اللَّه الأمير ، إنّك قد عرفت شرفه في عشيرته ، وقد عرف قومه أنّي وأسماء بن خارجة جئنا به إليك ، فأنشدك اللَّه أيّها الأمير ، إنّما وهبته لي فإنّي أخاف عداوة أهل بيته ، وإنّهم سادات أهل الكوفة وأكثرهم عدداً .

1.۵ / ۵۹

2.۵ / ۶۱


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
274

قال : فقال ابن زياد : لا يجب يا ابن عمر أن تقضي حاجة ابن عمّك وإن كان مسرفاً على نفسه فإنّه مقتول لا محالة .
فقال عمر بن سعد : قل ما أحببت يا ابن عقيل .
فقال مسلم رحمه اللّه : حاجتي إليك أن تشتري فرسي وسلاحي من هؤلاء القوم فتبيعه وتقضي عنّي سبعمئة درهم استدنتها في مصركم ، وأن تستوهب جثّتي إذا قتلني هذا وتواريني في التراب ، وأن تكتب إلى الحسين بن عليّ أن لا يقدم فينزل به ما نزل بي .

قال : فالتفت عمر بن سعد إلى عبيد اللَّه بن زياد فقال : أيّها الأمير ، إنّه يقول كذا وكذا .
فقال ابن زياد : أمّا ما ذكرت يا ابن عقيل من أمر دَينِكَ فإنّما هو مالك يقضي به دينك ، ولسنا نمنعك أن تصنع فيه ما أحببت ، وأمّا جسدك إذا نحن قتلناك فالخيار في ذلك لنا ، ولسنا نبالي ما صنع اللَّه بجثتك ، وأمّا الحسين ، فإن لم يردنا لم نرده ، وإن أرادنا لم نكفّ عنه ، و لكنّي اُريد أن تخبرني يا ابن عقيل بما ذا أتيت إلى هذا البلد؟ شتّت أمرهم ، وفرّقت كلمتهم ، ورميت بعضهم على بعض!

فقال مسلم بن عقيل : لستُ لذلك أتيت هذا البلد ، ولكنّكم أظهرتم المنكر ، ودفنتم المعروف ، و تأمّرتم على الناس من غير رضىً ، وحملتموهم على غير ما ۱أمركم اللَّه به ، وعملتم فيهم بأعمال كسرى وقيصر ، فأتيناهم لنأمر فيهم بالمعروف ، وننهاهم عن المنكر ، وندعوهم إلى حكم الكتاب والسنّة ، وكنّا أهل ذلك ، ولم تزل الخلافة لنا منذ قتل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، ولا تزال الخلافة لنا فإنّا قهرنا عليها؛ لأنّكم أوّل من خرج على إمام هدى ، وشقّ عصا المسلمين ، وأخذ هذا الأمر غصباً ، ونازع أهله بالظلم والعدوان ، ولا نعلم لنا ولكم مثلاً إلّا قول اللَّه تبارك وتعالى : «وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ»!

قال : فجعل ابن زياد يشتم عليّاً والحسن والحسين (رضي اللَّه عنهم) ، فقال له

1.۵ / ۵۸

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5907
صفحه از 512
پرینت  ارسال به