فقال له مسلم بن عقيل : ويلك يا هذا! ما أجفاك وأفظّك وأغلظك! أشهد عليك أنّك إن كنت من قريش فإنّكمصلق ، وإن كنت من غير قريش فإنك مدّعٍ إلى غير أبيك ، مَن أنت يا عدوّ اللَّه؟
فقال : أنا من عرف الحقَّ إذ أنكرته ، ونصح لإمامه إذ فششته ، وسمع وأطاع إذ خالفته ، أنا مسلم بن عمرو الباهلي!
فقال له مسلم بن عقيل : أنت أولى بالخلود والحميم؛ إذ آثرت طاعة بني سفيان على طاعة الرسول محمّد صلى اللّه عليه و سلم .
ثمّ قال مسلم بن عقيل رحمه اللّه : ويحكم يا أهل الكوفة! اسقوني شربة من ماء! فأتاه غلام لعمرو بن حريث الباهلي بقلّة فيها ماء وقدح فيها فناوله القلّة ، فكلّما أراد أن يشرب امتلأ القدح دماً ، فلم يقدر أن يشرب من كثرة الدم وسقطت ثنيتاه في القدح ، فامتنع مسلم بن عقيل رحمه اللّه من شرب الماء .
قال : واُتي به حتّى اُدخل على عبيد اللَّه بن زياد .
ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد اللَّه بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل؟
قال : فاُدخل مسلم بن عقيل على عبيد اللَّه بن زياد فقال له الحرسي : سلّم على الأمير ، فقال له مسلم : اسكت لا اُمّ لك! مالك وللكلام؟ واللَّه ، ليس هو لي بأمير فاُسلّم عليه! واُخرى فما ينفعني السلام عليه وهو يريد قتلي؟! فإن استبقاني فسيكثر عليه سلامي .
فقال له عبيد اللَّه بن زياد : لا عليك سلّمت أم لم تسلّم ، فإنّك ۱مقتول!
فقال مسلم بن عقيل : إن قتلتني فقد قَتَلَ شرُّ منك مَن كان خيراً منّي .
فقال له ابن زياد : يا شاقّ! يا عاقّ! خرجت على إمامك ، وشققت عصا المسلمين ، وألقحت الفتنة!
فقال مسلم : كذبت يا ابن زياد ، واللَّه ، ما كان معاوية خليفة بإجماع الاُمّة ، بل