271
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

القوم ليسوا بقاتليك فلا تقتل نفسك .

قال : فلم يلتفت مسلم بن عقيل رحمه اللّه إلى كلام ابن الأشعث وجعل يقاتل حتّى اُثخن بالجراح وضعف عن القتال ، وتكاثروا عليه فجعلوا يرمونه بالنبل والحجارة ، فقال مسلم : ويلكم! ما لكم ترمونني بالحجارة كما ترمى الكفار وأنا من أهل بيت الأنبياء الأبرار؟! ويلكم! أما ترعون حقّ رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم وذرّيته؟!
قال : ثمّ حمل عليهم على ضعفه فكسرهم وفرّقهم في الدروب ، ثمّ رجع وأسند ظهره إلى باب دار هناك ، فرجع القوم إليه ، فصاح بهم محمّد بن الأشعث : ذروه حتّى اُكلّمه بما يريد .
قال : ثمّ دنا منه ابن الأشعث حتّى وقف قبالته وقال : ويلك يا ابن عقيل! لا تقتل نفسك ، أنت آمن ودمك في عنقي .

فقال له مسلم : أ تظنّ يا ابن الأشعث أنّي أعطي بيدي أبداً وأنا أقدر على القتال؟! لا واللَّه ، لا كان ذلك أبداً! ثمّ حمل عليه حتّى ألحقه بأصحابه . ثمّ رجع موضعه فوقف وقال : اللّهمّ إنّ العطش قد بلغ منّي! قال : فلم يجسر أحد أن يسقيه الماء ولا قرب منه .

فأقبل ابن الأشعث على أصحابه وقال : ويلكم! إنّ هذا لهو العار والفشل أن تجزعوا من رجل واحد هذا الجزع ، احملوا عليه بأجمعكم حملة واحدة .
قال : فحملوا عليه وحمل عليهم ، فقصده من أهل الكوفة رجل يقال له بكير بن حمران الأحمري ، فاختلفا بضربتين فضربه بكير ضربة على شفته العليا ، وضربه مسلم بن عقيل ضربة فسقط إلى الأرض قتيلاً ، قال : فطعن من ورائه طعنة ، فسقط ۱إلى الأرض ، فاُخذ أسيراً ، ثمّ اُخذ فرسه وسلاحه .

و تقدّم رجل من بني سليمان يقال له : عبيد اللَّه بن العبّاس فأخذ عمامته ، فجعل يقول : اسقوني شربة من الماء! فقال له مسلم بن عمرو الباهلي : واللَّه ، لا تذوق الماء يا ابن عقيل أو تذوق الموت!

1.۵ / ۵۵


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
270

محمّد بن الأشعث ثلاثمئة راجل من صناديد أصحابه .

قال : فركب محمّد بن الأشعث حتّى وافى الدار التي فيها مسلم بن عقيل .
قال : وسمع مسلم بن عقيل وقع حوافر الخيل وزعقات الرجال ، فعلم أنّه قد اُتي في طلبه ، فبادر رحمه اللّه إلى فرسه فأسرجه وألجمه ، وصبّ عليه درعه ، واعتجر بعمامة ، وتقلّد بسيفه ، والقوم يرمون الدار بالحجارة ، ويلهبون النار في نواحي القصب . قال : فتبسّم مسلم رحمه اللّه ، ثمّ قال : يا نفس ، اخرجي إلى الموت الذي ليس منه محيص ولا محيد ، ثمّ قال للمرأة : أي رحمك اللَّه وجزاك عنّي خيراً! اعلمي أنّما اُوتيت من قبل ابنك ، ولكن افتحي الباب .

قال : ففتحت الباب ، وخرج مسلم في وجوه القوم كأنّه أسد مغضب ، فجعل يضاربهم بسيفه حتّى قتل منهم جماعة .
و بلغ ذلك عبيد اللَّه بن زياد ، فأرسل إلى محمّد بن الأشعث وقال : سبحان اللَّه! يا عبداللَّه بعثناك إلى رجل واحد تأتينا به فأثلم في أصحابي ثلمة عظيمة .
فأرسل إليه محمّد بن الأشعث : أيّها الأمير ، أما تعلم أنّك بعثتني إلى أسد ضرغام ، وسيف حسام ، في كفّ بطل همام ، من آل خير الأنام .

قال : فأرسل إليه عبيد اللَّه بن زياد : أن أعطه الأمان ، فإنّك لن تقدر عليه إلّا بالأمان . فجعل محمّد بن الأشعث يقول : ويحك يا بن عقيل! لا تقتل نفسك ، لك الأمان! ومسلم بن عقيل يقول : ۱لا حاجة إلى أمان الغدرة ، ثمّ جعل يقاتلهم وهو يقول :

أَقسَمتُ لا اُقتل إلّا حُرّاوَ لَو وَجَدتُ الموتَ كأساً مُرّا
أَكرَهُ أن اُخدع أو اُغرّاكُلُّ امرئٍ يَوماً يلاقي شَرّا
أَضرِبُكُم ولا أَخاف ضرّا

قال : فناداه محمّد بن الأشعث وقال : ويحك يا ابن عقيل! إنّك لا تكذب ولا تغرّ ،

1.۵ / ۵۴

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6031
صفحه از 512
پرینت  ارسال به