267
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

ذكر مسلم بن عقيل رحمه اللّه وخروجه على عبيد اللَّه بن زياد

قال : وأقبل مسلم بن عقيل رحمه اللّه في وقته ذلك عليه وبين يديه ثمانية عشر ألفاً أو يزيدون ، وبين يديه الأعلام وشاكو السلاح ، وهم في ذلك يشتمون عبيد اللَّه بن زياد ويلعنون أباه . قال : وركب أصحاب عبيد اللَّه واختلط القوم ، فقاتلوا قتالاً شديداً ، وعبيد اللَّه بن زياد وجماعة من أهل الكوفة قد أشرفوا على جدار القصر ينظرون إلى محاربة الناس .

۱قال : وجعل رجل من أصحاب عبيد اللَّه بن زياد اسمه كثير بن شهاب ينادي من أعلى القصر بأعلى صوته : ألا يا شيعة مسلم بن عقيل ، ألا يا شيعة الحسين بن عليّ ، اللَّه اللَّه في أنفسكم وفي أهاليكم وأولادكم ، فإنّ جنود أهل الشام قد أقبلت ، وأنّ الأمير عبيد اللَّه بن زياد قد عاهد اللَّه لئن أقمتم على حربكم ولم تنصرفوا من يومكم هذا ليحرمنّكم العطاء ، وليفرّقنّ مقاتلتكم في مغازي أهل الشام ، وليأخذنّ البري‏ء بالسقيم والشاهد بالغائب ، حتّى لا يبقي منكم بقيّة من أهل المعصية إلّا أذاقها وبال أمرها .

قال : فلمّا سمع الناس ذلك تفرّقوا وتحادوا عن مسلم بن عقيل رحمه اللّه ، ويقول بعضهم لبعض : ما نصنع بتعجيل الفتنة ، وغداً تأتينا جموع أهل الشام ، ينبغي لنا أن نفعل في منزلنا وندع هؤلاء القوم حتّى يصلح اللَّه ذات بينهم .
قال : ثمّ جعل القوم يتسلّلون والنهار يمضي ، فما غابت الشمس حتّى بقي مسلم بن عقيل في عشرة أفراس من أصحابه لا أقلّ ولا أكثر واختلط الظلام ، فدخل مسلم بن عقيل المسجد الأعظم ليصلّي المغرب وتفرّق عنه العشرة .

فلمّا رأى ذلك استوى على فرسه ومضى في بعض أزقة الكوفة ، وقد أثخن بالجراحات حتّى صار إلى دار امرأة يقال لها : طوعة ، وقد كانت فيما مضى امرأة قيس الكندي ، فتزوّجها رجل من حضرموت يقال له : أسد بن البطين ، فأولدها ولداً

1.۵ / ۵۰


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
266

قال : ثمّ وثب أسماء بن خارجة إلى عبيد اللَّه بن زياد فقال : أيّها الأمير ، أمرتنا أن نأتيك بالرجل فلمّا جئناك به وأدخلناه إليك هشمت وجهه وأسلت دمه ، وزعمت أنّك تقتله؟! قال : فغضب ابن زياد وقال : وأنت ههنا أيضاً؟ ثمّ أمر بأسماء بن خارجة فضرب حتّى وقع لجنبه .

قال : فحبس أسماء ناحية من القصر وهو يقول : إِنَّا لِلَّهِ وإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ! إلى نفسي أنعاك يا هانئ .
قال : وبلغ ذلك بني مذحج ، فركبوا جميعهم عن آخرهم حتّى وافوا باب القصر ، فضجّوا وارتفعت أصواتهم .
فقال عبيد اللَّه بن زياد : ما هذا؟ فقيل له : أيّها الأمير ، هؤلاء عشيرة هانئ بن عروة يظنّون أنّه قد قتل .

فقال ابن زياد للقاضي شريح : قم فادخل إليه وانظر حاله واخرج إليهم وأعلمهم أنّه لم يقتل .

قال : فدخل شريح إلى هانئ فنظر إليه ، ثمّ خرج إلى القوم فقال : يا هؤلاء! لا ۱تعجلوا بالفتنة فإنّ صاحبكم لم يقتل ، والذي أبلغكم فإنّه أبلغكم باطلاً .

قال : فرجع القوم وانصرفوا .
قال : وخرج عبيد اللَّه بن زياد من القصر حتّى دخل المسجد الأعظم فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ التفت فرأى أصحابه عن يمين المنبر وعن شماله وفي أيديهم الأعمدة والسيوف المسلّلة ، فقال : أمّا بعد؛ يا أهل الكوفة فاعتصموا بطاعة اللَّه ورسوله محمّد صلى اللّه عليه و سلم وطاعة أئمّتكم ، ولا تختلفوا ولا تفرّقوا؛ فتهلكوا وتندموا وتذلّوا وتقهروا ، فلا يجعلنّ أحد على نفسه سبيلاً ، وقد أعذر من أنذر .

قال : فما أتمّ عبيد اللَّه بن زياد ذلك الخطبة حتّى سمع الصيحة ، فقال : ما هذا؟ فقيل له : أيّها الأمير ، الحذر الحذر! هذا مسلم بن عقيل قد أقبل في جميع مَن بايعه! قال : فنزل عبيد اللَّه بن زياد عن المنبر مسرعاً وبادر فدخل القصر وأغلق الأبواب .

1.۵ / ۴۹

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5751
صفحه از 512
پرینت  ارسال به