ما دعوت مسلم بن عقيل ولا ۱آويته ، ولكنّه جاءني مستجبراً ، فاستحييت من ردّه وأخذني من ذلك ذمام ، فأمّا إذا قد علمت فخلّ سبيلي حتّى أرجع إليه وآمره أن يخرج من داري فيذهب حيث شاء .
فقال ابن زياد : لا واللَّه ، ما تفارقني أو تأتيني بمسلم بن عقيل!
فقال : إذاً واللَّه لا آتيك به أبداً ، آتيك بضيفي؟! فقال : واللَّه ، لا تفارقني حتّى تأتي به ، فقال : واللَّه ، لا كان ذلك أبداً .
قال فتقدّم مسلم بن عمرو الباهلي وقال : أصلح اللَّه الأمير ، ائذن لي في كلامه ، فقال : كلّمه بما أحببت ولا تخرجه من القصر . قال : فأخذ مسلم بن عمرو بيد هانئ فنحّاه ناحية ، ثمّ قال : ويلك يا هذا! أنشدك باللَّه أن تقتل نفسك أو تدخل البلاء على عشيرتك في سبب مسلم بن عقيل ، يا هذا! سلّمه إليه ، فإنّه لن يقدم عليه بالقتل أبداً ، واُخرى فإنّه سلطان ، وليس عليك في ذلك عار ولا منقصة .
قال هانئ : بلى واللَّه ، عليّ في ذلك من أعظم العار أن يكون مسلم في جواري وضيفي ، وهو رسول ابن بنت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم وأنا حيّ صحيح الساعدين كثير الأعوان ، واللَّه ، لو لم أكن إلّا وحدي - لكن وأنا كثير الأعوان - لما سلّمته إليه أبداً حتّى أموت .
قال : فردّه مسلم بن عمرو وقال : أيّها الأمير ، إنّه قد أبى أن يسلّم مسلم بن عقيل أو يقتل .
قال : فغضب ابن زياد وقال : واللَّه ، لتأتيني به أو لأضربنّ عنقك! فقال : إذاً واللَّه تكثر البارقة حول دارك .
فقال له ابن زياد : أ بالبارقة تخوّفني؟ ثمّ أخذ قضيباً كان بين يديه فضرب به وجه هانئ ، فكسر به وجهه وأنفه وشقَّ حاجبه .
۲قال : فضرب هانئ بيده إلى قائم سيف من سيوف أصحاب ابن زياد ، فجاذبه ذلك الرجل ومنعه من السيف ، وصاح عبيد اللَّه بن زياد : خذوه! فأخذوه وألقوه في بيت من بيوت القصر وأغلقوا عليه الباب .