259
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

عهده ، والسلام . ثمّ نزل ودخل القصر .

فلمّا كان اليوم الثاني خرج إلى الناس ونادى بالصلاة جامعة ، فلمّا اجتمع الناس خرج إليهم بزيّ خلاف ما خرج به أمس ، فصعد المنبر ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :
أمّا بعد؛ فإنّه لا يصلح هذا الأمر إلّا في شدّة من غير عنف ، ولين في غير ۱ضعف ، وأن آخذ منكم البري‏ء بالسقيم ، والشاهد بالغائب ، والوليّ بالوليّ .
قال : فقام إليه رجل من أهل الكوفة يقال له : أسد بن عبداللَّه المري ، فقال : أيّها الأمير ، إنّ اللَّه تبارك وتعالى يقول : «َلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى‏» وإنّما المرء بجدّه ، والسيف بحدّه ، والفرس بشدّه ، وعليك أن تقول وعلينا أن نسمع ، فلا تقدّم فينا السيّئة قبل الحسنة .

قال : فسكت عبيد اللَّه بن زياد ونزل عن المنبر فدخل قصر الإمارة .
و سمع بذلك مسلم بن عقيل بقدوم عبيد اللَّه بن زياد وكلامه ، فكأنّه اتّقى على نفسه ، فخرج من الدار التي هو فيها في جوف الليل حتّى أتى دار هانئ بن عروة المذحجي رحمه اللّه فدخل عليه ، فلمّا رآه هانئ قام إليه وقال : ما وراءك جعلت فداك؟

فقال مسلم : ورائي ما علمت ، هذا عبيد اللَّه بن زياد الفاسق ابن الفاسق قد قدم الكوفة فاتّقيته على نفسي ، وقد أقبلت إليك لتجيرني وتأويني حتّى أنظر إلى ما يكون .

فقال له هانئ بن عروة : جعلت فداك! واللَّه لقد كلّفتني شططاً! ولولا دخولك داري لأحببت أن تنصرف ، غير أنّي أرى ذلك عاراً عليّ أن يكون رجل أتاني مستجيراً ، فانزل على بركة اللَّه . قال : فنزل مسلم بن عقيل في دار هانئ المذحجي .

و جعل عبيد اللَّه بن زياد يسأل عنه فلم يجد من يرشده عليه ، وجعلت الشيعة تختلف إلى مسلم رحمه اللّه في دار هانئ ويبايعون للحسين سرّاً ، ومسلم بن عقيل يكتب أسماءهم ويأخذ عليهم العهود والمواثيق ، لا يركنون ولا يعذرون ، حتّى بايع مسلم

1.۵ / ۴۰


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
258

فلمّا كان من الغد نادى في الناس وخرج من البصرة يريد الكوفة ، ومعه مسلم بن عمرو الباهلي ، والمنذر بن الجارود العبدي ، وشريك بن الأعور الحارثي ، وحشمه وأهل بيته ، فلم يزل يسير حتّى بلغ قريباً من الكوفة .

ذكر مسير عبيد اللَّه بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها

قال : فلمّا تقارب عبيد اللَّه بن زياد من الكوفة نزل ، فلمّا أمسى وجاء الليل دعا بعمامة غبراء و اعتجر بها ، ثمّ تقلّد سيفه وتوشّح قوسه ، وتكنّن كنانته ، وأخذ في يده قضيباً ، واستوى على بغلته الشهباء ، وركب معه أصحابه ، وأقبل حتّى دخل الكوفة من ۱طريق البادية ، وذلك في ليلة مقمرة والناس متوقّعون قدوم الحسين رضى اللَّه عنه ، قال : فجعلوا ينظرون إليه وإلى أصحابه ، وهو في ذلك يسلّم عليهم ، فيردّون عليه السلام ، وهم لا يشكّون أنّه الحسين ، وهم يمشون بين يديه ، وهم يقولون : مرحباً بك يا ابن بنت رسول اللَّه ، قدمت خير مقدم .

قال : فرأى عبيد اللَّه بن زياد من تباشير الناس بالحسين بن عليّ ما ساءه ذلك ، وسكت ولم يكلّمهم ولا ردّ عليهم شيئاً .
قال : فتكلّم مسلم بن عمرو الباهلي وقال : إليكم عن الأمير يا ترابية! فليس هذا من تظنّون ، هذا الأمير عبيد اللَّه بن زياد .

قال : فتفرّق الناس عنه ، ودخل عبيد اللَّه بن زياد قصر الإمارة وقد امتلأ غيظاً وغضباً .
فلمّا أصبح نادى : الصلاة جامعة! فاجتمع الناس إلى المسجد الأعظم ، فلمّا علم أنّهم قد تكالموا خرج إليهم متقلّداً بسيف متعمّماً بعمامة ، حتّى صعد المنبر ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :

أما بعد؛ يا أهل الكوفة ، فإنّ أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ولّاني مصركم وثغركم ، وأمرني أن أغيث مظلومكم ، وأن أعطي محرومكم ، وأن أحسن إلى سامعكم ومطيعكم ، وبالشدّة على مريبكم ، وأنا متّبع في ذلك أمره ، ومنفّذ فيكم

1.۵ / ۳۹

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5923
صفحه از 512
پرینت  ارسال به