عهده ، والسلام . ثمّ نزل ودخل القصر .
فلمّا كان اليوم الثاني خرج إلى الناس ونادى بالصلاة جامعة ، فلمّا اجتمع الناس خرج إليهم بزيّ خلاف ما خرج به أمس ، فصعد المنبر ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :
أمّا بعد؛ فإنّه لا يصلح هذا الأمر إلّا في شدّة من غير عنف ، ولين في غير ۱ضعف ، وأن آخذ منكم البريء بالسقيم ، والشاهد بالغائب ، والوليّ بالوليّ .
قال : فقام إليه رجل من أهل الكوفة يقال له : أسد بن عبداللَّه المري ، فقال : أيّها الأمير ، إنّ اللَّه تبارك وتعالى يقول : «َلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» وإنّما المرء بجدّه ، والسيف بحدّه ، والفرس بشدّه ، وعليك أن تقول وعلينا أن نسمع ، فلا تقدّم فينا السيّئة قبل الحسنة .
قال : فسكت عبيد اللَّه بن زياد ونزل عن المنبر فدخل قصر الإمارة .
و سمع بذلك مسلم بن عقيل بقدوم عبيد اللَّه بن زياد وكلامه ، فكأنّه اتّقى على نفسه ، فخرج من الدار التي هو فيها في جوف الليل حتّى أتى دار هانئ بن عروة المذحجي رحمه اللّه فدخل عليه ، فلمّا رآه هانئ قام إليه وقال : ما وراءك جعلت فداك؟
فقال مسلم : ورائي ما علمت ، هذا عبيد اللَّه بن زياد الفاسق ابن الفاسق قد قدم الكوفة فاتّقيته على نفسي ، وقد أقبلت إليك لتجيرني وتأويني حتّى أنظر إلى ما يكون .
فقال له هانئ بن عروة : جعلت فداك! واللَّه لقد كلّفتني شططاً! ولولا دخولك داري لأحببت أن تنصرف ، غير أنّي أرى ذلك عاراً عليّ أن يكون رجل أتاني مستجيراً ، فانزل على بركة اللَّه . قال : فنزل مسلم بن عقيل في دار هانئ المذحجي .
و جعل عبيد اللَّه بن زياد يسأل عنه فلم يجد من يرشده عليه ، وجعلت الشيعة تختلف إلى مسلم رحمه اللّه في دار هانئ ويبايعون للحسين سرّاً ، ومسلم بن عقيل يكتب أسماءهم ويأخذ عليهم العهود والمواثيق ، لا يركنون ولا يعذرون ، حتّى بايع مسلم