255
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

يبكون شوقاً منهم إلى قدوم الحسين . ثمّ تقدّم إلى مسلم بن عقيل رجل من همدان يقال له عابس بن أبي شبيب الشاكري فقال :

أمّا بعد؛ فإنّي لا أخبرك عن الناس بشي‏ء فإنّي أعلم ما في أنفسهم ، ولكنّي أخبرك عمّا أنا موطّن عليه نفسي ، واللَّه ، اُجيبكم إذا دعوتم واُقاتل معكم عدوّكم ، وأضرب بسيفي دونكم أبداً حتّى ألقى اللَّه وأنا لا اُريد بذلك إلّاما عنده .
ثمّ قام حبيب بن مظاهر الأسدي الفقعسي قال : وأنا واللَّه الذي لا إله إلّا هو ، على ما أنت عليه .

و تبايعت الشيعة على كلام هذين الرجلين ، ثمّ بذلوا الأموال ، فلم يقبل مسلم بن عقيل منها شيئاً .
قال : وبلغ ذلك النعمان بن بشير قدوم مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة عليه - والنعمان يومئذ أمير الكوفة - فخرج من قصر الإمارة مغضباً حتّى دخل ۱المسجد الأعظم فنادى في الناس ، فاجتمعوا إليه ، فصعد المنبر فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ قال : أمّا بعد؛ يا أهل الكوفة ، فاتّقوا اللَّه ربّكم ولا تسارعوا إلى الفتنة والفرقة ، فإنّ فيها سفك الدماء وذهاب الرجال والأموال ، واعلموا أنّي لست اُقاتل إلّا مَن قاتلني ، ولا أثب إلّا على مَن وَثَبَ عليَّ ، غير أنّكم قد أبديتم صفحتكم ، ونقضتم بيعتكم ، وخالفتم إمامكم ، فإن رأيتم أنّكم رجعتم عن ذلك ، وإلّا فو اللَّه الذي لا إله إلّا هو ، لأضربنّكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولو لم يكن لي منكم ناصر ، مع أنّي أرجو أنّ من يعرف الحقّ منكم أكثر ممّن يريد الباطل .

فقام إليه عبداللَّه بن مسلم بن سعيد الحضرمي فقال : أيّها الأمير أصلحك اللَّه! إنّ هذا الذي أنت عليه من رأيك‏إنّما هو رأي المستضعفين؟ فقال له النعمان بن بشير : يا هذا واللَّه ، لأن أكون من المستضعفين في طاعة اللَّه أحبّ إليَّ من أن أكون من المغلوبين‏۲ في معصية اللَّه .

1.۵ / ۳۵

2.في بعض المقاتل الاُخري : «الأعزّين» بدل «المغلوبين» .


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
254

قال : وكتب مسلم بن عقيل رحمه اللّه إلى الحسين :
بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، للحسين بن عليّ ، من مسلم بن عقيل ، أمّا بعد؛ فإنّي خرجت من المدينة مع الدليلين استأجرتهما فضلّا عن الطريق وماتا عطشاً ، ثمّ إنّا صرنا إلى الماء بعد ذلك وكدنا أن نهلك فنجونا بحشاشة أنفسنا ، وأخبرك يا ابن بنت رسول اللَّه إنّا أصبنا الماء بموضع يقال له المضيق ، وقد تطيّرت من وجهي هذا الذي وجّهتني به ، ۱فرأيك في إعفائي منه ، والسلام .

قال : فلمّا قرأ كتاب مسلم بن عقيل رحمه اللّه علم أنّه قد تشاءم وتطيّر من موت الدليلين وأنّه جزع ، فكتب إليه الحسين :
بسم اللَّه الرحمن الرحيم‏
من الحسين بن عليّ ، إلى مسلم بن عقيل ، أمّا بعد؛ فإنّي خشيت أن لا يكون حملك على الكتاب إليَّ والاستعفاء من وجهك هذا الذي أنت فيه إلّا الجبن والفشل ، فامضِ لما اُمرت به ، والسلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته .

فلمّا ورد الكتاب على مسلم بن عقيل كأنّه وجد من ذلك في نفسه ، ثمّ قال : واللَّه ، لقد نسبني أبو عبداللَّه الحسين إلى الجبن والفشل ، وهذا شي‏ء لم أعرفه من نفسي أبداً .

ثمّ سار مسلم بن عقيل من موضعه ذلك يريد الكوفة ، فإذا برجل يرمي الصيد ، فنظر إليه مسلم ، فرآه وقد رمى ظبياً فصرعه ، فقال مسلم : نقتل أعداءنا إن شاء اللَّه تعالى .
قال : ثمّ أقبل مسلم حتّى دخل الكوفة ، فنزل دار سالم بن المسيّب ، وهي دار المختار بن أبي عبيد الثقفي‏

۲ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة

قال : وجعلت الشيعة تختلف إلى دار مسلم ، وهو يقرأ عليهم كتاب الحسين ، والقوم

1.۵ / ۳۳

2.۵ / ۳۴

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5880
صفحه از 512
پرینت  ارسال به