249
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

أحببت أن لا تبايع فأنت متروك حتّى ترى برأيك ، فإنّ يزيد بن معاوية (لعنه اللَّه) عسى أن لا يعيش إلّا قليلاً فيكفيك اللَّه أمره .

فقال الحسين : اُفّ لهذا الكلام أبداً ما دامت السماوات والأرض! أسألك باللَّه يا عبداللَّه أنا عندك على خطأ من أمري هذا؟ فإن كنت عندك على خطأ فردّني فإنّي أخضع وأسمع واُطيع .

فقال ابن عمر : اللّهمّ لا ، ولم يكن اللَّه تعالى يجعل ابن بنت رسوله على خطأ ، وليس مثلك من طهارته وصفوته من الرسول صلى اللّه عليه و سلم على مثل يزيد بن معاوية (لعنه اللَّه) باسم الخلافة ، ولكن أخشى أن يضرب وجهك هذا الحسن الجميل بالسيوف ، وترى من هذه الاُمّة ما لا تحبّ ، فارجع معنا إلى المدينة ، وإن لم تحبّ أن تبايع فلا تبايع أبداً واقعد في منزلك .

فقال الحسين : هيهات يا ابن عمر! إنّ القوم لا يتركوني وإن أصابوني ، وإن لم يصيبوني فلا يزالون حتّى اُبايع وأنا كاره أو يقتلوني! أما تعلم يا عبداللَّه أنّ من هوان هذه الدنيا على اللَّه تعالى أنّه اُتي برأس يحيى بن زكريا عليه السلام إلى بغيّة من بغايا بني إسرائيل والرأس ينطق بالحجّة عليهم؟! أما تعلم أبا عبد الرحمن أنّ بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيّاً ثمّ يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كلّهم كأنّهم لم يصنعوا شيئاً! فلم يعجّل اللَّه عليهم ، ثمّ أخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر؟ اتّق اللَّه أبا عبد الرحمن ولا تدعن نصرتي واذكرني في صلاتك ، فو الذي بعث جدّي ۱محمّداً صلى اللّه عليه و سلم بشيراً ونذيراً ، لو أنّ أباك عمر بن الخطاب أدرك زماني لنصرني كنصرته جدّي ، وأقام من دوني قيامه بين يدي جدّي ، يا ابن عمر ، فإن كان الخروج معي ممّا يصعب عليك ويثقل فأنت في أوسع العذر ، ولكن لا تتركنّ لي الدعاء في دبر كلّ صلاة ، واجلس عن القوم ولا تعجل بالبيعة لهم حتّى تعلم إلى ما تؤول الاُمور .

قال : ثمّ أقبل الحسين على عبداللَّه بن عبّاس رحمه اللّه فقال : يا بن عبّاس ، إنّك ابن عمّ

1.۵ / ۲۶


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
248

رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم ؟! فقال ابن عباس : اللّهمّ نعم ، نعلم ونعرف أنّ ما في الدنيا أحد هو ابن بنت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم غيرك ، وأنّ نصرك لفرض على هذه الاُمّة كفريضة الصلاة والزكاة التي لا يقدر أن يقبل أحدهما دون الاُخرى .

قال الحسين : يا ابن عبّاس ، فما تقول في قوم أخرجوا ابن بنت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم من داره وقراره ومولده وحرم رسوله ومجاورة قبره ومولده ومسجده وموضع مهاجره ، فتركوه خائفاً مرعوباً لا يستقرّ في قرار ، ولا يأوي في موطن ، يريدون في ذلك قتله وسفك دمه ، وهو لم يشرك باللَّه شيئاً ، ولا اتّخذ من دونه وليّاً ، ولم يتغيّر عمّا كان عليه رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم والخلفاء من بعده؟!

فقال ابن عبّاس : ما أقول فيهم إلّا «إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَوةِ قَامُوا كُسَالَى‏ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً * مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى‏ هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى‏ هَؤُلَاءِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً» ، وعلى مثل هؤلاء تنزل البطشة الكبرى ، وأمّا أنت يا ابن بنت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم فإنّك رأس الفخار برسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم وابن نظيره البتول ، فلا تظنّ يا ابن بنت رسول اللَّه أنّ اللَّه غافل عمّا يعمل ۱الظالمون ، وأنا أشهد أنّ من رغب عن مجاورتك وطمع في محاربتك ومحاربة نبيّك محمّد صلى اللّه عليه و سلم فما له من خلاق .

فقال الحسين : اللّهمّ اشهد! فقال ابن عبّاس : جعلت فداك يا ابن بنت رسول اللَّه ، كأنّك تريدني إلى نفسك وتريد منّي أن أنصرك؟! واللَّه الذي لا إله إلّا هو ، أن لو ضربت بين يديك سيفي هذا حتّى أنخلع جميعاً من كفّي لما كنت ممّن أوفي من حقّك عشر العشر! وها أنا بين يديك مرني بأمرك .

فقال ابن عمر : مهلاً! ذرنا من هذا يا ابن عبّاس .

قال : ثمّ أقبل ابن عمر على الحسين فقال : أبا عبداللَّه ، مهلاً عمّا قد عزمت عليه! وارجع من هنا إلى المدينة ، وادخل في صلح القوم ولا تغب عن وطنك وحرم جدّك رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم ، ولا تجعل لهؤلاء الذين لا خلاق لهم على نفسك حجّة وسبيلاً ، وإن

1.۵ / ۲۵

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5963
صفحه از 512
پرینت  ارسال به