247
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

و دخل الحسين إلى مكّة ففرح به أهلها فرحاً شديداً . قال : وجعلوا يختلفون إليه بكرة وعشيّة ، واشتدّ ذلك على عبداللَّه بن الزبير؛ لأنّه قد كان طمع أن يبايعه أهل مكّة ، فلمّا قدم الحسين شقّ ذلك عليه ، غير أنّه لا يبدي ما في قلبه إلى الحسين ، لكنّه يختلف إليه ويصلّي بصلاته ويقعد عنده ويسمع من حديثه ، وهو مع ذلك يعلم أنّه لا يبايعه أحد من أهل مكّة والحسين بن عليّ بها؛ لأنّ الحسين عندهم أعظم في أنفسهم من ابن الزبير .

قال : وبلغ ذلك أهل الكوفة أنّ الحسين بن عليّ قد صار إلى مكّة . وأقام الحسين بمكّة باقي شهر شعبان ورمضان وشوّال وذي القعدة .
قال : وبمكّة يومئذ عبداللَّه بن عبّاس وعبداللَّه بن عمر بن الخطّاب (رضي اللَّه عنهم) فأقبلا جميعاً حتّى دخلا على الحسين ، وقد عزما على أن ينصرفا إلى المدينة ، فقال له ابن عمر : أبا عبداللَّه رحمك اللَّه! اتّق اللَّه الذي إليه معادك! فقد عرفت من عداوة أهل هذا البيت لكم و ظلمهم إيّاكم ، وقد ولي الناس هذا الرجل يزيد بن معاوية ، ولست ۱آمن أن يميل الناس إليه لمكان هذه الصفراء والبيضاء ، فيقتلونك ويهلك فيك بشر كثير؛ فإنّي قد سمعت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم وهو يقول : حسين مقتول ، ولئن قتلوه وخذلوه ولن ينصروه ليخذلهم اللَّه إلى يوم القيامة! وأنا اُشير عليك أن تدخل في صلح ما دخل فيه الناس ، واصبر كما صبرت لمعاوية من قبل ، فلعلّ اللَّه أن يحكم بينك وبين القوم الظالمين .

فقال له الحسين : أبا عبد الرحمن ، أنا اُبايع يزيد وأدخل في صلحه وقد قال النبيّ صلى اللّه عليه و سلم فيه وفي أبيه ما قال؟!
فقال ابن عبّاس : صدقت أبا عبداللَّه ، قال النبيّ صلى اللّه عليه و سلم في حياته : ما لي وليزيد ، لا بارك اللَّه في يزيد! وإنّه يقتل ولدي وولد ابنتي الحسين رضى اللَّه عنه ، والذي نفسي بيده ، لا يقتل ولدي بين ظهراني قوم فلا يمنعونه إلّا خالف اللَّه بين قلوبهم وألسنتهم!

ثمّ بكى ابن عبّاس وبكى معه الحسين وقال : يا ابن عبّاس ، تعلم أنّي ابن بنت

1.۵ / ۲۴


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
246

الحنفية ، ثمّ ودّعه و خرج في جوف الليل يريد مكّة بجميع أهله ، وذلك لثلاث ليال ۱مضين من شهر شعبان في سنة ستّين ، فجعل يسير ويقرأ هذه الآية : «فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِ‏ّ نَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» ، فقال له ابن عمّه مسلم بن عقيل بن أبي طالب : يا ابن بنت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم ، لو عدلنا عن الطريق وسلكنا غير الجادة كما فعل عبداللَّه بن الزبير كان عندي الرأي ، فإنّا نخاف أن يلحقنا الطلب! فقال له الحسين : لا واللَّه يا بن عمّي ، لا فارقت هذا الطريق أبداً أو أنظر إلى أبيات مكّة ، أو يقضي اللَّه في ذلك ما يحبّ ويرضى ، ثمّ جعل الحسين يتمثّل بشعر يزيد بن المفرغ الحميري وهو يقول :

لا سَهَرتُ السوامَ في فَلَقِ الصُبحِ مُضيئاً ولا دُعيتُ يزيدا
قومَ اُعطى مِنَ المَخافةِ ضَيماً والمَنايا يَرصُدنني أَن أَحِيدا
قال : فبينما الحسين كذلك بين المدينة ومكّة إذا استقبله عبداللَّه بن مطيع العدوي فقال : أين تريد أبا عبداللَّه جعلني اللَّه فداك!؟

قال : أمّا في وقتي هذا اُريد مكّة ، فإذا صرت إليها استخرت اللَّه تعالى في أمري بعد ذلك .

فقال له ۲عبداللَّه بن مطيع : خارَ اللَّه لك يا ابن بنت رسول اللَّه فيما قد عزمت عليه ، غير أنّي اُشير عليك بمشورة فاقبلها منّي .
فقال له الحسين . وما هي يا ابن مطيع؟ قال : إذا أتيت مكّة فاحذر أن يغرّك أهل الكوفة؛ فيها قتل أبوك وأخوك‏بطعنة طعنوه كادت أن تأتي على نفسه ، فالزم الحرم فأنت سيّد العرب في دهرك هذا ، فو اللَّه ، لئن هلكت ليهلكنّ أهل بيتك بهلاكك ، والسلام .

قال : فودعه الحسين ودعا له بخير وسار حتّى وافى مكّة ، فلمّا نظر إلى جبالها من بعيد جعل يتلو هذه الآية : «وَ لَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى‏ رَبِّى أَن يَهْدِيَنِى سَوَاءَ السَّبِيلِ» .

1.۵ / ۲۲

2.۵ / ۲۳

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6028
صفحه از 512
پرینت  ارسال به