۱ففعل مثل ذلك ، ثمّ رجع إلى منزله . وفي وقت الصبح أقبل إليه أخوه محمّد ابن الحنفية .
ذكر وصيّة الحسين بن عليّ إلى أخيه محمّد ابن الحنفية
قال : فلمّا۲ جاء إليه محمّد ابن الحنفية رضى اللَّه عنه قال : يا أخي فدتك نفسي! أنت أحبّ الناس إليَّ وأعزَّهم عليَّ ، ولست - واللَّه - أدّخر النصيحة لأحد من الخلق ، وليس أحد أحقّ بها منك ، فإنّك كنفسي وروحي وكبير أهل بيتي ومن عليه اعتمادي ، وطاعته في عنقي؛ لأنّ اللَّه تبارك وتعالى قد شرّفك وجعلك من سادات أهل الجنّة . وإنّي اُريد أن اُشير عليك برأيي فاقبله منّي .
فقال له الحسين : قل ما بدا لك . فقال : اُشير عليك أن تنجو نفسك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت ، وأن تبعث رسلك إلى الناس وتدعوهم إلى بيعتك فإنّي إن بايعك الناس وتابعوك حمدت اللَّه على ذلك ، وقمت فيهم بما يقوم فيهم النبيّ صلى اللّه عليه و سلم والخلفاء الراشدون المهديّون من بعده ، حتّى يتوفّاك اللَّه وهو عنك راض والمؤمنون كذلك ، كما رضوا عن أبيك وأخيك ، وإن أجمع الناس على غيرك حمدت اللَّه على ذلك ، وإنّي خائف عليك أن تدخل مصراً من الأمصار أو تأتي جماعة من الناس ، فيقتتلون فتكون طائفة منهم معك وطائفة عليك ، فتقتل منهم .
فقال له الحسين : يا أخي ، إلى أين أذهب؟ قال : اخرج إلى مكّة ، فإن اطمأنّت بك الدار فذاك الذي تحبّ واُحبّ ، وإن تكن الاُخرى خرجت إلى بلاد اليمن فإنّهم أنصار جدّك وأخيك وأبيك ، وهم أرأف الناس وأرقّهم قلوباً ، وأوسع الناس بلاداً ، وأرجحهم عقولاً ، فإن اطمأنّت بك أرض اليمن وإلّا لحقت بالرمال وشعوب الجبال ، وصرت من بلد إلى بلد لتنظر ما يؤول إليه أمر الناس ويحكم بينك وبين القوم الفاسقين .