245
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

فقال له الحسين : ۱يا أخي ، واللَّه لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت واللَّه يزيد بن معاوية أبداً ، وقد قال صلى اللّه عليه و سلم : اللّهمّ لا تبارك في يزيد .
قال : فقطع عليه محمّد ابن الحنفية الكلام وبكى ، فبكى معه الحسين ساعة ، ثمّ قال : جزاك اللَّه يا أخي عنّي خيراً! ولقد نصحتَ وأَشرتَ بالصوابِ ، وأنا أرجو أن يكون إن شاء اللَّه رأيك موفّقاً مسدّداً ، وإنّي قد عزمت على الخروج إلى مكّة ، وقد تهيّأت لذلك أنا وإخوتي وبنو إخوتي وشيعتي ، وأمرهم أمري ورأيهم رأيي . وأمّا أنت يا أخي فلا عليك أن تقيم بالمدينة ، فتكون لي عيناً عليهم ، ولا تخفِ عليّ شيئاً من اُمورهم .
قال : ثمّ دعا الحسين بدواة وبياض وكتب فيه .

وصيّة الحسين رضى اللَّه عنه لأخيه محمّد رضى اللَّه عنه

فكتب : بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، هذا ما أوصى به الحسين بن عليّ بن أبي طالب لأخيه محمّد ابن الحنفية المعروف ولد عليّ بن أبي طالب رضى اللَّه عنه :
إنّ الحسين بن عليّ يشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، جاء بالحقّ من عنده ، وأنّ الجنّة حقّ ، والنار حقّ ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ اللَّه يبعثُ مَن في القبور ، وأنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ، ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنّما خرجت لطلب النجاح والصلاح في اُمّة جدّي محمّد صلى اللّه عليه و سلم ، اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، و أسير بسيرة جدّي محمّد صلى اللّه عليه و سلم ، وسيرة أبي عليّ بن أبي طالب ، وسيرة الخلفاء الراشدين المهديين رضي اللَّه عنهم ، فمن قبلني بقبول الحقّ فاللَّه أولى بالحقّ ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يقضي اللَّه بيني وبين القوم بالحقّ ، ويحكم بيني وبينهم بالحقّ وهو خير الحاكمين ، هذه وصيّتي إليك يا أخي ، وما توفيقي إلّا باللَّه ، عليه توكّلت وإليه اُنيب ، والسلام عليك وعلى من اتّبع الهدى ، ولا حول ولا قوة إلّا باللَّه العليّ العظيم .

قال : ثمّ طوى الكتابَ الحسينُ وختمه بخاتمه ودفعه إلى أخيه محمّد ابن

1.۵ / ۲۱


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
244

۱ففعل مثل ذلك ، ثمّ رجع إلى منزله . وفي وقت الصبح أقبل إليه أخوه محمّد ابن الحنفية .

ذكر وصيّة الحسين بن عليّ إلى أخيه محمّد ابن الحنفية

قال : فلمّا۲ جاء إليه محمّد ابن الحنفية رضى اللَّه عنه قال : يا أخي فدتك نفسي! أنت أحبّ الناس إليَّ وأعزَّهم عليَّ ، ولست - واللَّه - أدّخر النصيحة لأحد من الخلق ، وليس أحد أحقّ بها منك ، فإنّك كنفسي وروحي وكبير أهل بيتي ومن عليه اعتمادي ، وطاعته في عنقي؛ لأنّ اللَّه تبارك وتعالى قد شرّفك وجعلك من سادات أهل الجنّة . وإنّي اُريد أن اُشير عليك برأيي فاقبله منّي .

فقال له الحسين : قل ما بدا لك . فقال : اُشير عليك أن تنجو نفسك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت ، وأن تبعث رسلك إلى الناس وتدعوهم إلى بيعتك فإنّي إن بايعك الناس وتابعوك حمدت اللَّه على ذلك ، وقمت فيهم بما يقوم فيهم النبيّ صلى اللّه عليه و سلم والخلفاء الراشدون المهديّون من بعده ، حتّى يتوفّاك اللَّه وهو عنك راض والمؤمنون كذلك ، كما رضوا عن أبيك وأخيك ، وإن أجمع الناس على غيرك حمدت اللَّه على ذلك ، وإنّي خائف عليك أن تدخل مصراً من الأمصار أو تأتي جماعة من الناس ، فيقتتلون فتكون طائفة منهم معك وطائفة عليك ، فتقتل منهم .

فقال له الحسين : يا أخي ، إلى أين أذهب؟ قال : اخرج إلى مكّة ، فإن اطمأنّت بك الدار فذاك الذي تحبّ واُحبّ ، وإن تكن الاُخرى خرجت إلى بلاد اليمن فإنّهم أنصار جدّك وأخيك وأبيك ، وهم أرأف الناس وأرقّهم قلوباً ، وأوسع الناس بلاداً ، وأرجحهم عقولاً ، فإن اطمأنّت بك أرض اليمن وإلّا لحقت بالرمال وشعوب الجبال ، وصرت من بلد إلى بلد لتنظر ما يؤول إليه أمر الناس ويحكم بينك وبين القوم الفاسقين .

1.۵ / ۲۰

2.في المطبوع «فلم» وهو تصحيف ولا معنى له .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5759
صفحه از 512
پرینت  ارسال به