243
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

المعروف وأكره المنكر ، وأنا أسألك يا ذا الجلال والإكرام بحقّ هذا القبر ومن فيه إلّا۱ ما اخترت من أمري هذا ما هو لك رضى .

قال : ثمّ جعل الحسين يبكي حتّى إذا كان في بياض الصبح وضع رأسه على القبر فأغفى ساعة ، فرأى النبي صلى اللّه عليه و سلم قد أقبل في كبكبة من الملائكة ، عن يمينه وعن شماله ومن بين يديه و من خلفه ، حتّى ضمّ الحسين إلى صدره وقبّل بين عينيه وقال : يا بنيّ يا حسين! كأنّك عن قريب أراك مقتولاً مذبوحاً بأرض كرب وبلاء من عصابة من اُمّتي ، وأنت في ذلك عطشان لا تسقى وظمآن لا تروى ، وهم مع ذلك يرجون شفاعتي ، ما لهم ، لا أنالهم اللَّه شفاعتي يوم القيامة! فما لهم عند اللَّه من خلاق ، حبيبي يا حسين! إنّ أباك واُمّك‏و أخاك قد قدموا عليّ وهم إليك مشتاقون ، وأنّ لك في الجنّة درجات لن تنالها إلّا بالشهادة .

قال : فجعل الحسين ينظر في منامه إلى جدّه صلى اللّه عليه و سلم ويسمع كلامه وهو يقول : يا جدّاه! لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا أبداً ، فخذني إليك واجعلني معك إلى منزلك .
قال : فقال له النبيّ صلى اللّه عليه و سلم : يا حسين! إنّه لا بدّ لك من الرجوع إلى الدنيا حتّى ترزق الشهادة وما كتب اللَّه لك فيها من الثواب العظيم ، فإنّك وأباك وأخاك وعمّك وعمّ أبيك تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة حتّى تدخلوا الجنّة .

قال : فانتبه الحسين من نومه فزعاً مذعوراً فقصّ رؤياه على أهل بيته وبني عبد المطّلب ، فلم يكن ذلك اليوم في شرق ولا غرب أشدّ غمّاً من أهل بيت الرسول صلى اللّه عليه و سلم ولا أكثر منه باكياً و باكية .

و تهيّأ الحسين بن عليّ وعزم على الخروج من المدينة ، ومضى في جوف الليل إلى قبر اُمّه فصلّى عند قبرها وودّعها ، ثمّ قام عن قبرها وصار إلى قبر أخيه الحسن‏

1.هكذا في الأصل وهو المناسب ، وفي المطبوع لم ترد كلمة «إلّا» .


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
242

ليس يرى لنا عليه طاعة ولا بيعة .

قال : فلمّا ورد الكتاب على يزيد غضب لذلك غضباً شديداً ، وكان إذا غضب انقلبت عيناه فعاد أحول ، قال : فكتب إلى الوليد بن عتبة .

ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى الوليد بن عتبة

من عبداللَّه يزيد أمير المؤمنين إلى الوليد بن عتبة ، أمّا بعد؛ فإذا ورد عليك كتابي هذا فخذ البيعة ثانياً على أهل المدينة بتوكيد منك عليهم ، وذر عبداللَّه بن الزبير فإنّه لن يفوتنا ولن ينجو منّا أبداً ما دام حيّاً ، وليكن مع جوابك إليَّ رأس الحسين بن عليّ ، فإن فعلت ذلك فقد جعلت لك أعنّة الخيل ، ولك عندي الجائزة والحظّ الأوفر والنعمة واحدة ، والسلام .

قال : فلمّا ورد الكتاب على الوليد بن عتبة وقرأه تعاظم ذلك ، وقال : لا واللَّه ، لا يراني اللَّه قاتل الحسين بن عليّ! وأنا [لا] أقتل ابن بنت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و سلم ولو أعطاني يزيد الدنيا بحذافيرها .
قال : وخرج الحسين بن عليّ من منزله ذات ليلة وأتى إلى قبر جدّه صلى اللّه عليه و سلم فقال :
السلام عليك يا رسول اللَّه ، أنا الحسين ابن فاطمة ، أنا فرخك وابن فرختك وسبطك في الخلف الذي خلّفت على اُمّتك ، فاشهد عليهم يا نبيّ اللَّه أنّهم قد خذلوني وضيّعوني ، وأنّهم لم يحفظوني ، وهذا شكواي إليك حتّى ألقاك صلى اللّه عليه و سلم ، ثمّ وثب قائماً وصفّ قدميه ولم يزل راكعاً و ساجداً .

قال : وأرسل الوليد بن عتبة إلى منزل الحسين لينظر هل خرج من المدينة أم لا ، فلم يصبه في منزله فقال : الحمد للَّه الذي لم يطالبني اللَّه عزّ و جلّ بدمه! وظنّ أنّه خرج من المدينة .

قال : ورجع الحسين إلى منزله مع الصبح ، فلمّا كانت الليلة الثانية خرج إلى ۱القبر أيضاً فصلّى ركعتين ، فلمّا فرغ من صلاته جعل يقول : اللّهمّ إنّ هذا قبر نبيّك محمّد وأنا ابن بنت محمّد وقد حضرني من الأمر ما قد علمت ، الّلهم وإنّي اُحبّ

1.۵ / ۱۹

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5770
صفحه از 512
پرینت  ارسال به