تحدّث أهل الكوفة بمقدمه دبّوا إليه فبايعوه ، فبايعه منهم ۱اثنا عشر ألفاً .
قال : فقام رجل ممّن يهوى يزيد بن معاوية إلى النعمان بن بشير ، فقال له : إنّك ضعيف أو متضعِّف ، قد فسد البلاد! فقال له النعمان : أن أكون ضعيفاً وأنا في طاعه اللَّه أحبّ إليَّ من أن أكون قويّاً في معصية اللَّه ، وما كنت لأهتك ستراً ستره اللَّه .
فكتب بقول النعمان إلى يزيد، فدعا مولى له يقال له : سرجون - وكان يستشيره - فأخبره الخبر ، فقال له : أ كنت قابلاً من معاوية لو كان حيّاً؟ قال : نعم ، قال : فاقبل منّي ، فإنّه ليس للكوفة إلّا عبيد اللَّه بن زياد ، فولّها إيّاه - وكان يزيد عليه ساخطاً ، وكان همّ بعزله عن البصرة - فكتب إليه برضائه ، وأنّه قد ولّاه الكوفة مع البصرة ، وكتب إليه أن يطلب مسلم بن عقيل ، فيقتله إن وجده .
قال : فأقبل عبيد اللَّه في وجوه أهل البصرة حتّى قدم الكوفة متلثّماً ، ولا يمرّ على مجلس من مجالسهم فيسلّم إلّا قالوا : عليك السلام يا بن بنت رسول اللَّه - وهم يظنّون أنّه الحسين بن عليّ عليه السلام - حتّى نزل القصر ، فدعا مولى له فأعطاه ثلاثة آلاف ، وقال له : اذهب حتّى تسال عن الرجل الذي يبايع له أهل الكوفة ، فاعلمه أنّك رجل من أهل حمص جئت لهذا الأمر ، وهذا مال تدفعه إليه ليتقوّى ، فلم يزل يتلطّف ويرفق به حتّى دلّ على شيخ من أهل الكوفة يلي البيعة ، فلقيه فأخبره ، فقال له الشيخ : لقد سرّني لقاؤك إيّاي ، وقد ساءني ، فأمّا ما سرّني من ذلك فما هداك اللَّه له ، وأمّا ما ساءني فإنّ أمرنا لم يستحكم بعد ، فأدخله إليه ، فأخذ منه المال وبايعه ، ورجع إلى عبيد اللَّه فأخبره .
فتحوّل مسلم حين قدم عبيد اللَّه بن زياد من الدار التي كان فيها إلى منزل هانئ بن عروة المرادي ، وكتب مسلم بن عقيل إلى الحسين بن عليّ عليه السلام يخبره ببيعة اثني عشر ألفاً من أهل الكوفة ، ويأمره بالقدوم .