217
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

فقال له ابن زياد : أبكى اللَّهُ عينيكَ ، أتبكي لفتح اللَّه؟! واللَّه ، لولا أنّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك ، فنهض زيد بن أرقم من بين يديه وصار إلى منزله .

واُدخل عيال الحسين عليه السلام على ابن زياد ، فدخلت زينب اُخت الحسين في جملتهم متنكّرة وعليها أرذل ثيابها ، فمضت حتّى جلست ناحية من القصر وحفّت بها إماؤها ، فقال ابن زياد : مَن هذه التي انحازت ناحية ومعها نساؤها؟ فلم تجبه زينب ، فأعاد ثانية وثالثة يسأل عنها ، فقال له بعض إمائها : هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول اللَّه ، فأقبل عليها ابن زياد وقال لها : الحمد للَّه الذي فضحكم وقتلكم وأكذب اُحدوثتكم .

فقالت زينب : الحمد للَّه الذي أكرمنا بنبيّه محمّد صلى اللّه عليه و آله وطهّرنا من الرجس تطهيراً ، وإنّما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر ، وهو غيرنا والحمد للَّه .
فقال ابن زياد : كيف رأيت فعل اللَّه بأهل بيتك؟

قالت : كتب اللَّه عليهم القتل ، فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع اللَّه بينك وبينهم فتحاجّون إليه وتختصمون عنده .
فغضب ابن زياد واستشاط ، فقال عمرو بن حريث : أيّها الأمير ، إنّها امرأة والمرأة لا تؤاخذ بشي‏ء من منطقها ، ولا تذمّ على خطابها .

فقال لها ابن زياد : لقد شفى اللَّه نفسي من طاغيتك والعصاة من أهل بيتك!!
۱فَزَقَت‏۲ زينبٌ عليها السلام وبكت وقالت له : لعمري ، لقد قتلت كهلي ، وأَبَدتَ أهلي ، وقطعت فرعي ، واجتثثت أصلي ، فإن يشفك هذا فقد اشتفيت .

فقال ابن زياد : هذه سجاعة ، ولعمري لقد كان أبوها سجّاعاً شاعراً .

فقالت : ما للمرأة والسجاعة؟ إن لي عن السجاعة لشغلاً ، ولكن صدري نفث بما

1.۲ / ۱۱۶

2.فَزَقَتْ : أي صاحت (الصحاح : ج ۶ ص ۲۳۶۸ (زقا)» . وفي بعض النسخ : «فَرَقّت» .


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
216

وسرّح عمر بن سعد من يومه ذلك - وهو يوم عاشوراء - برأس الحسين عليه السلام مع خوليّ بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم الأزدي إلى عبيد اللَّه بن زياد ، وأمر برؤوس الباقين من أصحابه وأهل بيته فَنُظِّفَت ، وكانت اثنين وسبعين رأساً ، وسرّح بها مع شمر بن ذي الجوشن وقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجّاج ، فأقبلوا حتّى قدموا بها على ۱ابن زياد .

وأقام بقيّة يومه واليوم الثاني إلى زوال الشمس ، ثمّ نادى في الناس بالرحيل وتوجّه إلى الكوفة ومعه بنات الحسين وأخواته ، ومن كان معه من النساء والصبيان ، وعليّ بن الحسين فيهم ، وهو مريض بالذرب‏۲ وقد أشفى .۳
ولمّا رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد كانوا نزولاً بالغاضرية إلى الحسين وأصحابه (رحمة اللَّه عليهم) فصلّوا عليهم ، ودفنوا الحسين عليه السلام حيث قبره الآن ، ودفنوا ابنه عليّ بن الحسين الأصغر عند رجليه ، وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الذين صرعوا حوله ممّا يلي رجلي الحسين عليه السلام ، وجمعوهم فدفنوهم جميعاً معاً ، ودفنوا العبّاس بن عليّ عليهما السلام في موضعه الذي قتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الآن .

ولمّا وصل رأس الحسين عليه السلام ووصل ابن سعد (لعنه اللَّه) من غد يوم وصوله ومعه بنات الحسين وأهله ، جلس ابن زياد للناس في قصر الإمارة وأذن للناس إذناً عامّاً ، وأمر بإحضار الرأس فوضع بين يديه ، فجعل ينظر إليه ويتبسّم ، وفي يده قضيب يضرب به ثناياه ، وكان إلى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله - وهو شيخ كبير - فلمّا رآه يضرب بالقضيب ثناياه قال له : ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين ، فواللَّه الذي لا إله غيره ، لقد رأيت شفتي رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله عليهما ما لا أحصيه ۴كثرة تقبّلهما ، ثمّ انتحب باكياً .

1.۲ / ۱۱۴

2.الذَّرَب : المرض الذي لا يبرأ (لسان العرب : ج ۱ ص ۳۸۶ (ذرب)» .

3.أَشفَي المريض : قرب من الموت (اُنظر : الصحاح : ج ۶ ص ۲۳۹۴ (شفا)» .

4.۲ / ۱۱۵

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6109
صفحه از 512
پرینت  ارسال به