215
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

فنادت : ويحكم أما فيكم مسلم؟! فلم يجبها أحد بشي‏ء .

ونادى شمر بن ذي الجوشن الفرسان والرجّالة ، فقال : ويحكم ما تنتظرون بالرجل؟ ثكلتكم اُمّهاتكم! فَحُمِلَ عليه من كلّ جانب فضربه زرعة بن شريك على كفّه اليسرى فقطعها ، وضربه آخر منهم على عاتقه فكبا منها لوجهه ، وطعنه سنان بن أنس بالرمح فصرعه ، وبدر إليه خوليّ بن يزيد الأصبحي لعنه اللَّه فنزل ليحتزّ رأسه فأرعد ، فقال له شمر : فَتَّ اللَّهُ في عضدكَ ، ما لك ترعد؟
ونزل شمر إليه فذبحه ، ثمّ دفع رأسه إلى خوليّ بن يزيد ، فقال : أحمله إلى الأمير عمر بن سعد .

ثمّ أقبلوا على سلب الحسين عليه السلام ، فأخذ قميصه إسحاق بن حياة الحضرمي ، وأخذ سراويله أبجر بن كعب ، وأخذ عمامته أخنس بن مرثد ، وأخذ سيفه رجل من بني دارم ، وانتهبوا رحله وإبله وأثقاله ، وسلبوا نساءه .
قال حميد بن مسلم : فواللَّه ، لقد كنت أرى المرأة من نسائه وبناته وأهله تنازع ثوبها عن ظهرها حتّى تغلب عليه ، فيذهب به منها ، ثمّ انتهينا إلى عليِّ بن الحسين عليه السلام ، وهو منبسط على فراش ، وهو ۱شديد المرض ، ومع شمر جماعة من الرجّالة فقالوا له : ألا نقتل هذا العليل؟ فقلت : سبحان اللَّه! أيقتل الصبيان؟ إنّما هو صبّي وإنّه لما به ، فلم أزل حتّى رددتهم عنه .

وجاء عمر بن سعد فصاح النساء في وجهه وبكين ، فقال لأصحابه : لا يدخل أحد منكم بيوت هؤلاء النسوة ، ولا تعرّضوا لهذا الغلام المريض ، وسألته النسوة ليسترجع ما أخذ منهنّ ليتسترن به ، فقال : من أخذ من متاعهنَّ شيئاً فليردّه عليهنّ؟ فواللَّه ، ما ردّ أحد منهم شيئاً ، فوكل بالفسطاط وبيوت النساء وعليّ بن الحسين جماعة ممّن كانوا معه ، وقال : احفظوهم لئلّا يخرج منهم أحد ، ولا تسيئنَّ إليهم .

ثمّ عاد إلى مضربه ونادى في أصحابه : من ينتدب للحسين فيوطئه فرسه؟ فانتدب عشرة ، منهم : إسحاق بن حياة ، وأخنس بن مرثد ، فداسوا الحسين عليه السلام بخيولهم حتّى رضّوا ظهره .

1.۲ / ۱۱۳


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
214

الجلدة ، فإذا يده معلّقة ، ونادى الغلام : يا اُمّتاه! فأخذه الحسين عليه السلام فضمّه إليه وقال : يا ابن أخي ، اصبر على ما نزل بك ، واحتسب في ذلك الخير ، فإنّ اللَّه يلحقك بآبائك الصالحين .

ثمّ رفع الحسين عليه السلام يده وقال : الّلهمّ إن متّعتهم إلى ۱حين ففرّقهم فرقاً ، واجعلهم طرائقَ قدداً ، ولا ترض الولاة عنهم أبداً ، فإنّهم دعونا لينصرونا ، ثمّ عدوا علينا فقتلونا .

وحملت الرجّالة يميناً وشمالاً على من كان بقي مع الحسين ، فقتلوهم حتّى لم يبقَ معه إلّا ثلاثة نفر أو أربعة .
فلمّا رأى ذلك الحسين دعا بسراويل يمانية يلمع فيها البصر ، فَفَزَرَها ، ثمّ لبسها ، وإنّما فزرها لكي لا يسلبها بعد قتله .
فلمّا قتل عمد أبجر بن كعب إليه فسلبه السراويل وتركه مجرّداً ، فكانت يدا أبجر بن كعب بعد ذلك تيبسان في الصيف حتّى كأنّهما عودان ، وتترطّبان في الشتاء فتنضحان دماً وقيحاً إلى أن أهلكه اللَّه .

فلمّا لم يبقَ مع الحسين عليه السلام أحد إلّا ثلاثة رهط من أهله ، أقبل على القوم يدفعهم عن نفسه والثلاثة يحمونه ، حتّى قتل الثلاثة وبقي وحده وقد اُثخن بالجراح في رأسه وبدنه ، فجعل يضاربهم بسيفه وهم يتفرّقون عنه يميناً وشمالاً .
فقال حميد بن مسلم : فواللَّه ، ما رأيت مكثوراً قطّ قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولا أمضى جناناً منه عليه السلام ، إن كانت الرجّالة لتشدّ عليه فيشدّ عليها بسيفه ، فتنكشف عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب .

فلمّا رأى ذلك شمر بن ذي الجوشن استدعى الفرسان ، فصاروا في ظهور الرجّالة ، وأمر الرماة أن يرموه ، فرشقوه بالسهام حتّى صار ۲كالقنفذ فأحجم عنهم ، فوقفوا بإزائه ، وخرجت اُخته زينب إلى باب الفسطاط فنادت عمر بن سعد بن أبي وقاص : ويحك يا عمر! أَيُقتَلُ أبو عبداللَّه وأنت تنظر إليه؟ فلم يجبها عمر بشي‏ء ،

1.۲ / ۱۱۱

2.۲ / ۱۱۲

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6171
صفحه از 512
پرینت  ارسال به