ففعل ذلك مراراً وأهل الكوفة يتّقون قتله ، فبصر به مرّة بن منقذ العبدي فقال : عليَّ آثام العرب إن مرّ بي يفعل مثل ذلك إن لم أثكله أباه ، فمرّ يشتدّ على الناس كما مرّ في الأوّل ، فاعترضه مرّة بن منقذ فطعنه فصرع ، واحتواه القوم فقطّعوه بأسيافهم ، فجاء الحسين عليه السلام حتّى وقف عليه فقال : قَتَلَ اللَّهُ قوماً قَتَلوكَ يا بنيّ ، ما أجرأهم على الرحمان وعلى انتهاك حرمة الرسول! وانهملت عيناه بالدموع ، ثمّ قال : على الدنيا بعدك العفاء!!
۱وخرجت زينب اُخت الحسين مسرعة تنادي : يا اُخياه وابن اُخياه! وجاءت حتّى أكبّت عليه ، فأخذ الحسين برأسها فردّها إلى الفسطاط ، وأمر فتيانه فقال : احملوا أخاكم ، فحملوه حتّى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه .
ثمّ رمى رجل من أصحاب عمر بن سعد يقال له : عمرو بن صبيح عبداللَّه بن مسلم بن عقيل رحمه اللّه بسهم ، فوضع عبداللَّه يده على جبهته يتّقيه ، فأصاب السهم كفّه ونفذ إلى جبهته فَسَمَرَها به ، فلم يستطع تحريكها ، ثمّ انتحى عليه آخر برمحه فطعنه في قلبه فقتله .
وحمل عبداللَّه بن قطبة الطائي على عون بن عبداللَّه بن جعفر بن أبي طالب رضى اللَّه عنه فَقَتَلَه . وحمل عامر بن نهشل التيمي على محمّد بن عبداللَّه بن جعفر بن أبي طالب رضى اللَّه عنه فَقَتَله .
وشد عثمان بن خالد الهمداني على عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب رضى اللَّه عنه فَقَتَلَه .
قال حميد بن مسلم : فإنّا لكذلك إذ خرج علينا غلام كأنّ وجهه شقّة قمر ، في يده سيف ، وعليه قميص وإزار ونعلان ، قد انقطع شسع إحداهما ، فقال لي عمر بن سعيد بن نفيل الأزدي : واللَّه ، لأشدّنّ عليه ، فقلت : سبحان اللَّه! وما تريد بذلك؟! دعه يكفيكه هؤلاء القوم الذين ما يبقون على أحد منهم ، فقال : واللَّه ، لأشدّنّ عليه ، فشدّ عليه فما ولّى حتّى ضرب رأسه بالسيف فَفَلَقَهُ ، ووقع ۲الغلام لوجهه فقال : يا