207
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

أتاكم أسلمتموه ، وزعمتم أنّكم قاتلوا أنفسكم دونه ، ثمّ عدوتم عليه لتقتلوه ، أمسكتم بنفسه وأخذتم بكظمه ، وأحطتم به من كلّ جانب لتمنعوه التوجّه في بلاد اللَّه العريضة ، فصار كالأسير في أيديكم ، لا يملك لنفسه نفعاً ولا يدفع عنها ضرّاً ، وحلأتموه ونساءه وصبيته وأهله عن ماء الفرات ۱الجاري ، يشربه اليهود والنصارى والمجوس ، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه ، وها هم قد صرعهم العطش؟! بئس ما خلّفتم محمّداً في ذرّيّته ، لا سقاكم اللَّه يوم الظمأ الأكبر .

فحمل عليه رجال يرمون بالنبل ، فأقبل حتّى وقف أمام الحسين عليه السلام .
ونادى عمر بن سعد : يا ذو يد ، أدنِ رأيتك ، فأدناها ثمّ وضع سهمه في كبد قوسه ، ثمّ رمى وقال : اشهدوا أنّي أوّلُ من رمى ، ثمّ ارتمى الناس وتبارزوا ، فبرز يسار مولى زياد بن أبي سفيان ، وبرز إليه عبداللَّه بن عمير ، فقال له يسار : من أنت؟ فانتسب له ، فقال : لست أعرفك ، ليخرج إليَّ زهير بن القين أو حبيب بن مظاهر ، فقال له عبداللَّه بن عمير : يا ابن الفاعلة ، وَبِكَ رغبة عن مبارزة أحد من الناس؟! ثمّ شدّ عليه فضربه بسيفه حتّى برد ، فإنّه لمشتغل بضربه إذ شدّ عليه سالم مولى عبيد اللَّه بن زياد ، فصاحوا به : قد رَهَقَكَ العبد ، فلم يشعر حتّى غَشِيهَ فَبَدَرَهُ ضربة اتّقاها ابن عمير بكفّه اليسرى فأطارت أصابع كفّه ، ثمّ شدّ عليه فضربه حتّى قتله ، وأقبل وقد قتلهما جميعاً وهو يرتجز ويقول :

إن تَنكروني فأنا ابنُ كلب‏إنّي امرؤٌ ذو مِرّة وعضبِ‏
ولستُ بالخوّار عندَ النكبِ‏
۲وحمل عمرو بن الحجّاج على ميمنة أصحاب الحسين عليه السلام فيمن كان معه من أهل الكوفة ، فلمّا دنا من الحسين عليه السلام جثوا له على الركب وأشرعوا الرماح نحوهم ، فلم تقدم خيلهم على الرماح ، فذهبت الخيل لترجع فرشقهم أصحاب الحسين عليه السلام بالنبل ، فصرعوا منهم رجالاً وجرحوا منهم آخرين .

وجاء رجل من بني تميم يقال له : عبداللَّه بن حوزة ، فأقدم على عسكر

1.۲ / ۱۰۱

2.۲ / ۱۰۲


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
206

ولكن أميرك قد أبى .

فأقبل الحرّ حتّى وقف من الناس موقفاً ، ومعه رجل من قومه يقال له : قرّة بن قيس ، فقال : يا قرّة هل سقيت فرسك اليوم؟ قال : لا ، قال : فما تريد أن تسقيه؟ قال قرّة : فظننت واللَّه أنّه يريد أن يتنحّى فلا يشهد القتال ، ويكره أن أراه حين يصنع ذلك ، فقلت له : لم أسقه وأنا منطلق فأسقيه ، فاعتزل ذلك المكان الذي كان فيه ، فواللَّه ، لو أنّه أطلعني على الذي يريد لخرجت معه إلى الحسين بن عليّ عليه السلام .

فأخذ يدنو من الحسين قليلاً قليلاً ، فقال له المهاجر بن أوس : ما تريد يا ابن يزيد ، أتريد أن تحمل؟ فلم يجبه وأخذه مثل الأفكل - وهي الرعدة - فقال له المهاجر : إنّ أمرك لمريب ، واللَّه ، ما رأيت منك في موقف قطّ مثل هذا ، ولو قيل لي : مَن أشجع أهل الكوفة ما عدوتك ، فما هذا الذي أرى منك؟!

فقال له الحرّ : إنّي واللَّه اُخيّر نفسي بين الجنّة والنار ، فواللَّه ، لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قطّعت وحرّقت . ثمّ ضرب فرسه فلحق بالحسين عليه السلام فقال له : جعلت فداك - يا ابن رسول اللَّه - أنا صاحبك الذي حبستك عن ۱الرجوع ، وسايرتك في الطريق ، وجعجعت بك في هذا المكان ، وما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضته عليهم ، ولا يبلغون منك هذه المنزلة ، واللَّه ، لو علمت أنّهم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت منك الذي ركبت ، وإنّي تائب إلى اللَّه تعالى ممّا صنعت ، فترى لي من ذلك توبة؟

فقال له الحسين عليه السلام : نعم ، يتوب اللَّه عليك فانزل ، قال : فأنا لك فارساً خير منّي راجلاً ، اُقاتلهم على فرسي ساعة ، وإلى النزول ما يصير آخر أمري .
فقال له الحسين عليه السلام : فاصنع - يرحمك اللَّه - ما بدا لك .
فاستقدم أمام الحسين عليه السلام ، ثمّ أنشأ رجل من أصحاب الحسين عليه السلام يقول :

لنِعمَ الحرّ حُرُّ بني رِياحِ‏وحُرّ عند مُختلفِ الرِماح‏
ونِعمَ الحرّ إذ نادى حُسينٌ‏وجادَ بنفسِهِ عند الصباح‏

ثمّ قال : يا أهل الكوفة ، لاُمّكم الهبل والعبر ، أدعوتم هذا العبد الصالح حتّى إذا

1.۲ / ۱۰۰

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6242
صفحه از 512
پرینت  ارسال به