205
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

يمقت عليه أهله ، وإن كذّبتموني فإن فيكم من لو سألتموه عن ذلك أخبركم ، سلوا جابر بن عبداللَّه الأنصاري وأبا سعيد الخدري وسهل بن سعد الساعدي وزيد بن أرقم وأنس بن مالك ، يخبروكم أنّهم سمعوا هذه المقالة من رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله لي ۱ولأخي ، أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟!

فقال له شمر بن ذي الجوشن : هو يعبداللَّه على حرف إن كان يدري ما تقول .
فقال له حبيب بن مظاهر : واللَّه ، إنّي لأراك تعبداللَّه على سبعين حرفاً ، وأنا أشهد أنّك صادق ما تدري ما يقول ، قد طبع اللَّه على قلبك .

ثمّ قال لهم الحسين عليه السلام : فإن كنتم في شكّ من هذا ، أفتشكّون أنّي ابن بنت نبيّكم؟! فواللَّه ، ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري فيكم ولا في غيركم ، ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته ، أو مال لكم استهلكته ، أو بقصاص جراحة؟!
فأخذوا لا يكلّمونه ، فنادى : يا شبث بن ربعي ، يا حجّار بن أبجر ، يا قيس بن الأشعث ، يا يزيد بن الحارث ، ألم تكتبوا إليَّ أن قد أينعت الثمار وأخضرّ الجناب ، وإنما تقدّم على جند لك مجنّد؟!

فقال له قيس بن الأشعث : ما ندري ما تقول ، ولكن انزل على حكم بني عمّك ، فإنّهم لن يروك إلّا ما تحبّ .
فقال له الحسين : لا واللَّه ، لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أفرّ فرار العبيد .
ثمّ نادى : يا عباد اللَّه «وَ إِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَ رَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ» ، أعوذ بربّي وربّكم من كلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب .

ثمّ إنّه أناخ راحلته وأمر عقبة بن سمعان فعقلها ، ۲وأقبلوا يزحفون نحوه .
فلمّا رأى الحرّ بن يزيد أنّ القوم قد صمّموا على قتال الحسين عليه السلام قال لعمر بن سعد : أي عمر ، أَمُقاتِلٌ أنت هذا الرجل؟ قال : إي واللَّه ، قتالاً أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي .

قال : أفما لكم فيما عرضه عليكم رضىً؟ قال عمر : أمّا لو كان الأمر إليَّ لفعلت ،

1.۲ / ۹۸

2.۲ / ۹۹


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
204

رغبة .

قال : وأقبل القوم يجولون حول بيوت الحسين عليه السلام ، فيرون الخندق في ظهورهم والنار تضطرم في الحطب والقصب الذي كان اُلقي فيه ، فنادى شمر بن ذي الجوشن (عليه اللعنة) بأعلى صوته : يا حسين ، أَتَعَجَّلتَ النار قبل يوم القيامة؟! فقال الحسين عليه السلام : من هذا؟ كأنّه شمر بن ذي الجوشن . فقالوا له : نعم ، فقال له : يا ابن راعية المعزى ، أنت أولى بها صليّاً .

ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه الحسين من ذلك ، فقال له : دعني حتّى أرميه فإنّ الفاسق من عظماء الجبّارين ، وقد أمكن اللَّه منه .
فقال له الحسين عليه السلام : لا ترمه ، فإنّي أكره أن أبدأهم .

۱ثمّ دعا الحسين براحلته فركبها ونادى بأعلى صوته : يا أهل العراق - وجلّهم يسمعون - فقال : أيّها الناس ، اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتّى أعظكم بما يحقّ لكم عليَّ وحتّى أعذر إليكم ، فإن أعطيتموني النَصَفَ كنتم بذلك أسعد ، وإن لم تعطوني النصف من أنفسكم فأجمعوا رأيكم ، ثمّ لا يكن أمركم عليكم غمّة ، ثمّ اقضوا إليَّ ولا تنظرون ، إنّ ولييَّ اللَّه الذي نزّل الكتاب ، وهو يتولّى الصالحين . ثمّ حمد اللَّه وأثنى عليه وذكر اللَّه بما هو أهله ، وصلّى على النبيّ صلى اللّه عليه و آله وعلى ملائكة اللَّه وأنبيائه ، فلم يسمع متكلّم قطّ قبله ولا بعده أبلغ في منطق منه ، ثمّ قال :
أمّا بعد ، فانسبوني فانظروا من أنا ، ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها ، فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ أَلستُ ابن بنت نبيكم ، وابن وصيّه ، وابن عمّه ، وأوّل المؤمنين ، المصدّق لرسول اللَّه بما جاء به من عند ربّه؟!

أوليس حمزة سيّد الشهداء عمّي؟!
أوليس جعفر الطيّار في الجنّة بجناحين عمّي؟! أو لم يبلغكم ما قال رسول اللَّه لي ولأخي : هذان سيّدا شباب أهل الجنّة؟!

فإن صدّقتموني بما أقول وهو الحقّ ، واللَّه ، ما تعمّدت كذباً منذ علمت أنّ اللَّه

1.۲ / ۹۷

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6269
صفحه از 512
پرینت  ارسال به