203
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

أصحابه كذلك يصلّون ويدعون ويستغفرون .

۱قال الضحّاك بن عبداللَّه : ومرّ بنا خيل لابن سعد يحرسنا ، وإنّ حسيناً ليقرأ : «وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لِاَّنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ * مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى‏ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى‏ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ» ، فسمعها من تلك الخيل رجل يقال له عبداللَّه بن سمير ، وكان مضحاكاً ، وكان شجاعاً بطلاً ، فارساً فاتكاً شريفاً ، فقال : نحن وربّ الكعبة الطيّبون ، ميزنا منكم .

فقال له برير بن خضير : يا فاسق ، أنت يجعلك اللَّه من الطيّبين؟! فقال له : من أنت ويلك؟ قال : أنا برير بن خضير ، فتسابّا .
وأصبح الحسين بن عليّ عليهما السلام فعبّأ أصحابه بعد صلاة الغداة ، وكان معه اثنان وثلاثون فارساً وأربعون راجلاً ، فجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه ، وحبيب بن مظاهر في ميسرة أصحابه ، وأعطى رايته العبّاس أخاه ، وجعلوا البيوت في ظهورهم ، وأمر بحطب وقصب كان من وراء البيوت أن يترك في خندق كان قد حفر هناك وأن يحرق بالنار ، مخافة أن يأتوهم من ورائهم .

وأصبح عمر بن سعد في ذلك اليوم وهو يوم الجمعة وقيل يوم السبت ، فعبّأ أصحابه وخرج فيمن معه من الناس نحو الحسين عليه السلام ، وكان على ميمنته عمرو بن الحجّاج ، وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشن ، وعلى الخيل عروة بن قيس ، وعلى الرجّالة شبث بن ربعي ، ۲وأعطى الراية دريداً مولاه .

فروي عن عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام أنّه قال : لمّا صبّحت الخيل الحسين رفع يديه وقال : الّلهمّ أنت ثقتي في كلّ كرب ، ورجائي في كلّ شدّة ، وأنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقة وعدّة ، كم من همّ يضعف فيه الفؤاد ، وتقلّ فيه الحيلة ، ويخذل فيه الصديق ، ويشمت فيه العدوّ ، أنزلته بك وشكوته إليك رغبة منّي إليك عمّن سواك ، ففرّجته وكشفته ، وأنت وليّ كلّ نعمة ، وصاحب كلّ حسنة ، ومنتهى كلّ

1.۲ / ۹۵

2.۲ / ۹۶


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
202

فأعادها مرّتين أو ثلاثاً حتّى فهمتها وعرفت ما أراد ، فخنقتني العبرة فرددتها ولزمت السكوت ، وعلمت أنّ البلاء قد نزل .
وأمّا عمّتي فإنّها سمعت ما سمعت ، وهي امرأة ومن شأن النساء الرقّة والجزع فلم تملك نفسها أن وثبت تجرّ ثوبها وإنها لحاسرة ، حتّى انتهت إليه ، فقالت : وا ثكلاه! ليتَ الموتُ أعدمني الحياة! اليوم ماتت اُمّي فاطمة وأبي عليّ وأخي الحسن ، يا خليفة الماضي وثمال الباقي .

فنظر إليها الحسين عليه السلام فقال لها : يا اُخيّة ، لا يذهبنَّ حلمك الشيطان ، وترقرقت عيناه بالدموع وقال : لو ترك القطا لنام ، فقالت : يا ويلتاه! ۱أفتغتصب نفسك اغتصاباً؟! فذاك أقرح لقلبي وأشدّ على نفسي ، ثمّ لطمت وجهها وهوت إلى جيبها فشقّته وخرّت مغشياً عليها .

فقام إليها الحسين عليه السلام فصبّ على وجهها الماء وقال لها : يا اُختاه ، اتّقي اللَّه وتعزّي بعزاء اللَّه ، واعلمي أنّ أهل الأرض يموتون وأهل السماء لا يبقون ، وأنّ كلّ شي‏ء هالك إلّا وجه اللَّه الذي خلق الخلق بقدرته ، ويبعث الخلق ويعودون ، وهو فرد وحده ، أبي خير منِّي ، وأمّي خير منّي ، وأخي خير منّي ، ولي ولكلّ مسلم برسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله اُسوة .

فعزّاها بهذا ونحوه وقال لها : يا اُخيّة ، إنّي أقسمت فأبرّي قسمي ، لا تشقّي عليَّ جيباً ، ولا تخمشي عليَّ وجهاً ، ولا تدعي عليَّ بالويل والثبور إذا أنا هلكت . ثمّ جاء بها حتّى أجلسها عندي .
ثمّ خرج إلى أصحابه فأمرهم أن يقرّب بعضهم بيوتهم من بعض ، وأن يدخلوا الأطناب بعضها في بعض ، وأن يكونوا بين البيوت ، فيستقبلون القوم من وجه واحد والبيوت من ورائهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ، قد حفّت بهم إلّا الوجه الذي يأتيهم منه عدوّهم .

ورجع عليه السلام إلى مكانه ، فقام الليل كلّه يصلّي ويستغفر ويدعو ويتضرّع ، وقام

1.۲ / ۹۴

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6273
صفحه از 512
پرینت  ارسال به