201
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

۱فقال الحسين عليه السلام : يا بني عقيل ، حسبكم من القتل بمسلم ، فاذهبوا أنتم فقد أذنت لكم . قالوا : سبحان اللَّه! فما يقول الناس؟! يقولون : إنّا تركنا شيخنا وسيّدنا وبني عمومتنا - خير الأعمام - ولم نرمِ معهم بسهم ، ولم نطعن معهم برمح ، ولم نضرب معهم بسيف ، ولا ندري ما صنعوا!! لا واللَّه ، ما نفعل ذلك ، ولكن تفديك أنفسنا وأموالنا وأهلونا ، ونقاتل معك حتّى نرد موردك ، فقبّح اللَّه العيش بعدك .

وقام إليه مسلم بن عوسجة فقال : أَنُخلّي عنك ولمّا نُعذِر إلى اللَّه سبحانه في أداء حقّك؟! أما واللَّه ، حتّى أطعن في صدورهم برمحي ، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ، ولو لم يكن معي سلاح اُقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ، واللَّه ، لا نخلّيك حتّى يعلم اللَّه أن قد حفظنا غيبة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله فيك ، واللَّه ، لو علمت أنّي اُقتل ، ثمّ اُحيا ، ثمّ اُحرق ، ثمّ اُحيا ، ثمّ اُذرّى ، يفعل ذلك بي سبعين مرّة ما فارقتك حتّى ألقى حمامي دونك ، فكيف لا أفعل ذلك وإنّما هي قتلة واحدة ، ثمّ هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً؟!

وقام زهير بن القين البجلي (رحمة اللَّه عليه) فقال : واللَّه ، لوددت أنّي قتلت ، ثمّ نشرتُ ، ثمّ قتلتُ حتّى اُقتل هكذا ألف مرّة ، وأنّ اللَّه تعالى يدفع بذلك القتل عن نفسك ، وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك .

۲وتكلّم جماعة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضاً في وجه واحد ، فجزّاهم الحسين عليه السلام خيراً وانصرف إلى مضربه .
قال عليّ بن الحسين عليهما السلام : إنّي لجالس في تلك العشيّة التي قُتِلَ أبي في صبيحتها ، وعندي عمّتي زينب تمرّضني ، إذ اعتزل أبي في خباء له وعنده جوين مولى أبي ذرّ الغفاري ، وهو يعالج سيفه ويصلحه وأبي يقول :

يا دهرُ اُفٍّ لك من خليلِ‏كم لك بالإشراقِ والأصيلِ‏
من صاحبٍ أو طالبٍ قتيلِ‏والدهرُ لا يَقنعُ بالبديلِ‏
وإنّما الأمرُ إلى الجليلِ‏وكُلّ حيٍّ سالكُ سبيلي‏

1.۲ / ۹۲

2.۲ / ۹۳


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
200

عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم ، قال : فلا تعجلوا حتّى أرجع إلى أبي عبداللَّه فأعرض عليه ما ذكرتم ، فوقفوا وقالوا : القه فأعلمه ، ثمّ القنا بما يقول لك .

فانصرف العبّاس راجعاً يركض إلى الحسين عليه السلام يخبره الخبر ، ووقف أصحابه يخاطبون القوم ويعظونهم ، ويكفّونهم عن قتال الحسين ، فجاء العبّاس إلى الحسين عليه السلام فأخبره بما قال القوم ، فقال : ارجع إليهم ، فإن استطعت أن تؤخّرهم إلى الغدوة وتدفعهم ۱عنّا العشيّة ، لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة وندعوه ونستغفره ، فهو يعلم أنّي قد اُحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه والدعاء والاستغفار .

فمضى العبّاس إلى القوم ورجع من عندهم ومعه رسول من قبل عمر بن سعد يقول : إنّا قد أجّلناكم إلى غد ، فإن استسلمتم سرّحناكم إلى أميرنا عبيد اللَّه بن زياد ، وإن أبيتم فلسنا تاركيكم ، وانصرف .
فجمع الحسين عليه السلام أصحابه عند قرب المساء ، قال عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام : فدنوت منه لأسمع ما يقول لهم ، وأنا إذ ذاك مريض ، فسمعت أبي يقول لأصحابه :

أثني على اللَّه أحسن الثناء ، وأحمده على السرّاء والضراء ، الّلهمّ إنّي أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة ، وعلّمتنا القرآن ، وفقّهتنا في الدين ، وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة ، فاجعلنا من الشاكرين .
أمّا بعد ، فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي ، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم اللَّه عنّي خيراً ، ألا وإنّي لأظنّ أنّه آخر يوم لنا من هؤلاء ، ألا وإنّي قد أذنت لكم ، فانطلقوا جميعاً في حلّ ، ليس عليكم منّي ذمام ، هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً .

فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبداللَّه بن جعفر : لِمَ نفعل ذلك؟! لنبقى بعدك؟! لا أرانا اللَّه ذلك أبداً . بدأهم بهذا القول العبّاس بن عليّ (رضوان اللَّه عليه) واتّبعته الجماعة عليه فتكلّموا بمثله ونحوه .

1.۲ / ۹۱

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6284
صفحه از 512
پرینت  ارسال به