199
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

نهيته أن يقبل ما كتبت به إليه ، وأفسدت علينا أمرنا ، قد كنّا رجونا أن يصلح ، لا يستسلم واللَّه حسين ، إن نفس أبيه لبين جنبيه .

فقال له شمر : أخبرني ما أنت صانع؟ أتمضي لأمر أميرك وتقاتل عدوّه؟ وإلّا فخلِّ بيني وبين الجند والعسكر .
قال : لا ، لا واللَّه ولا كرامة لك ، ولكن أنا أتولّى ذلك ، فدونك فكن أنت على الرجّالة .
ونهض عمر بن سعد إلى الحسين عشية الخميس لتسع مضين من المحرّم ، وجاء شمر حتّى وقف على أصحاب الحسين عليه السلام فقال : أين بنو اُختنا؟
فخرج إليه العبّاس وجعفر وعثمان بنو عليّ بن أبي طالب عليهم السلام وفقالوا : ما تريد؟

فقال : أنتم يا بني اُختي آمنون ، فقالت له الفتية : لعنك اللَّه ولعن أمانك ، أتؤمننا وابن رسول اللَّه لا أمانَ له؟!
ثمّ نادى عمر بن سعد : يا خيل اللَّه ، اركبي وأبشري ، فركب الناس ثمّ زحف نحوهم بعد العصر ، وحسين عليه السلام جالس أمام بيته محتبٍ بسيفه ، إذ خفق برأسه على ركبتيه ، وسمعت اُخته ۱الصيحة فدنت من أخيها ، فقالت : يا أخي ، أما تسمع الأصوات قد اقتربت؟ فرفع الحسين عليه السلام رأسه ، فقال : إنّي رأيت رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله الساعة في المنام ، فقال لي : إنّك تروح إلينا ، فلطمت اُخته وجهها ونادت بالويل ، فقال لها : ليس لك الويل يا اُخيّة ، اسكتي رحمك اللَّه .

وقال له العبّاس بن عليّ (رحمة اللَّه عليه) : يا أخي أتاك القوم ، فنهض ثمّ قال : يا عبّاس ، اركب - بنفسي أنت يا أخي - حتّى تلقاهم وتقول لهم : ما لكم وما بدا لكم؟ وتسألهم عمّا جاء بهم .

فأتاهم العبّاس في نحو من عشرين فارساً ، منهم : زهير بن القين وحبيب بن مظاهر ، فقال لهم العبّاس : ما بدا لكم وما تريدون؟ قالوا : جاء أمر الأمير أن نعرض

1.۲ / ۹۰


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
198

وأصلح أمر الاُمّة ، هذا حسين قد أعطاني أن يرجع إلى المكان الذي أتى منه ، أو أن يسير إلى ثغر من الثغور فيكون رجلاً من المسلمين ، له ما لهم وعليه ما عليهم ، أو أن يأتي أمير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده ، فيرى فيما بينه وبينه رأيه ، وفي هذا لكم رضى وللاُمّة صلاح .

۱فلمّا قرأ ، عبيد اللَّه الكتاب قال : هذا كتاب ناصح مشفق على قومه ، فقام إليه شمر بن ذي الجوشن فقال : أتقبل هذا منه وقد نزل بأرضك وإلى جنبك؟ واللَّه ، لئن رحل من بلادك ولم يضع يده في يدك ، ليكوننّ أولى بالقوّة ولتكوننّ أولى بالضعف والعجز ، فلا تعطه هذه المنزلة فإنّها من الوهن ، ولكن لينزل على حكمك هو وأصحابه ، فإن عاقبت فأنت أولى بالعقوبة ، وإن عفوت كان ذلك لك .

قال له ابن زياد : نعم ما رأيت ، الرأي رأيك ، اخرج بهذا الكتاب إلى عمر بن سعد ، فليعرض على الحسين وأصحابه النزول على حكمي ، فإن فعلوا فليبعث بهم إليَّ سلماً ، وإن هم أبوا فليقاتلهم ، فإن فعل فاسمع له وأطع ، وإن أبى أن يقاتلهم فأنت أمير الجيش ، واضرب عنقه وابعث إليَّ برأسه!
وكتب إلى عمر بن سعد : إنّي لم أبعثك إلى الحسين لتكفّ عنه ، ولا لتطاوله ، ولا لتمنّيه السلامة والبقاء ، ولا لتعتذر له ، ولا لتكون له عندي شافعاً ، انظر فإن نزل حسين وأصحابه على حكمي واستسلموا فابعث بهم إليَّ سلماً ، وإن أبوا فازحف إليهم حتّى تقتلهم وتمثّل بهم ، فإنّهم لذلك مستحقّون ، وإن قتل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره ، فإنّه عاتٍ ظلوم ، وليس أرى أنّ هذا يضرّ بعد الموت شيئاً ، ولكن عليَّ قول قد قلته : لو قتلته لفعلت هذا به ، فإن أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع ، وإن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا ، وخلِّ ۲بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر فإنّا قد أمرناه بأمرنا ، والسلام .

فأقبل شمر بكتاب عبيد اللَّه إلى عمر بن سعد ، فلمّا قدم عليه وقرأه قال له عمر : ما لَكَ ويلك؟! لا قرّب اللَّه دارك ، قبّح اللَّه ما قدمت به عليَّ ، واللَّه ، إنّي لأظنّك أنّك

1.۲ / ۸۸

2.۲ / ۸۹

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6294
صفحه از 512
پرینت  ارسال به