197
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

يسألونني القدوم ففعلت ، فأمّا إذ كرهوني وبدا لهم غير ما أتتني به رسلهم ، فأنا منصرف عنهم .

قال حسّان بن قائد العبسي : وكنت عند عبيد اللَّه حين أتاه هذا الكتاب ، فلمّا قرأه قال :

ألآن إذ عَلَقَت مخالبُنا بِهِ‏يَرجو النجاةَ ولاتَ حينَ مناصِ‏
وكتب إلى عمر بن سعد : أمّا بعد : فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت ، فاعرض على الحسين أن يبايع ليزيد هو وجميع أصحابه ، فإذا فعل هو ذلك رأينا رأينا ، والسلام .

فلما ورد الجواب على عمر بن سعد قال : قد خشيت ألّا يقبل ابن زياد العافية ، وورد كتاب ابن زياد في الأثر إلى عمر بن سعد : أن حُلْ بين الحسين وأصحابه وبين الماء ، فلا يذوقوا منه قطرة ، كما صنع بالتقيّ الزكيّ عثمان بن عفان .

فبعث عمر بن سعد في الوقت عمرو بن الحجّاج في خمسمئة فارس ، فنزلوا على الشريعة وحالوا بين الحسين وأصحابه وبين الماء أن يستقوا منه قطرة ، وذلك قبل قتل الحسين بثلاثة ۱أيّام ، ونادى عبداللَّه بن الحصين الأزدي - وكان عداده في بجيلة - بأعلى صوته : يا حسين ، ألا تنظر إلى الماء كأنّه كبد السماء ، واللَّه ، لا تذوقون منه قطرة واحدة حتّى تموتوا عطشاً .

فقال الحسين عليه السلام : الّلهمّ اقتله عطشاً ولا تغفر له أبداً .
قال حميد بن مسلم : واللَّه ، لعدته بعد ذلك في مرضه ، فواللَّه الذي لا إله غيره ، لقد رأيته يشرب الماء حتّى يبغر ، ثمّ يقيئه ويصيح : العطش العطش ، ثمّ يعود فيشرب الماء حتّى يبغر ، ثمّ يقيئه ويتلظّى عطشاً ، فما زال ذلك دأبه حتّى لفظ نفسه .

ولمّا رأى الحسين نزول العساكر مع عمر بن سعد بنينوى ومددهم لقتاله أنفذ إلى عمر بن سعد : إنّي اُريد أن ألقاك فاجتمعا ليلاً فتناجيا طويلاً ، ثمّ رجع عمر بن سعد إلى مكانه وكتب إلى عبيد اللَّه بن زياد : أمّا بعد؛ فإنّ اللَّه قد أطفأ النائرة وجمع الكلمة

1.۲ / ۸۷


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
196

وكرهه ، فقام إليه كثير بن عبداللَّه الشعبي وكان فارساً شجاعاً لا يردّ وجهه شي‏ء فقال : أنا أذهب إليه ، وواللَّه ، لئن شئت لأفتكنَّ به ، فقال له عمر : ما اُريد أن تفتك به ، ولكن ائته فسله ما الذي جاء بك؟ فأقبل كثير إليه .

فلمّا رآه أبو ثمامة الصائدي قال للحسين عليه السلام : أصلحك اللَّه يا أبا عبداللَّه ، قد جاءك شرّ أهل الأرض ، وأجرؤهم على دم ، وأفتكهم ، وقام إليه فقال له : ضع سيفك ، قال : لا ولا كرامة ، إنّما أنا رسول ، فإن سمعتم منّي بلّغتكم ما اُرسلت به إليكم ، وإن أبيتم انصرفت عنكم ، قال : فإني آخذ بقائم سيفك ، ثمّ تكلّم بحاجتك ، قال : لا واللَّه لا تمسّه ، فقال له : أخبرني بما جئت به وأنا أبلغه عنك ، ولا أدعك تدنو منه فإنّك فاجر!

فاستبّا وانصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر .
فدعا عمر قرّة بن قيس الحنظلي فقال له : ويحك يا قرّة ، القِ حسيناً فسله ما جاء به؟ وماذا يريد؟ فأتاه قرّة ، فلمّا رآه الحسين مقبلاً قال : أتعرفون هذا؟ فقال له حبيب بن مظاهر : نعم ، هذا رجل من حنظلة تميم ، وهو ابن اُختنا ، وقد كنت أعرفه بحسن الرأي ، وما كنت أراه يشهد هذا المشهد . فجاء حتّى سلّم على الحسين عليه السلام وأبلغه رسالة عمر بن سعد إليه ، فقال له الحسين : كتب إليَّ أهلُ مصركم هذا أن أقدم ، فأمّا إذ كرهتموني فأنا أنصرف عنكم .

ثمّ قال حبيب بن مظاهر : ويحك يا قرّة أين ترجع؟! إلى القوم الظالمين؟! انصر هذا الرجل الذي بآبائه أيّدك اللَّه بالكرامة ، فقال له قرّة : أرجع إلى صاحبي ۱بجواب رسالته ، وأرى رأيي .

قال : فانصرف إلى عمر بن سعد فأخبره الخبر؟ فقال عمر : أرجو أن يعافيني اللَّه من حربه وقتاله ، وكتب إلى عبيد اللَّه بن زياد :

بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، أمّا بعد؛ فإنّي حين نزلت بالحسين بعثت إليه رسلي ، فسألته عمّا أقدمه ، وماذا يطلب ؟ فقال : كتب إليَّ أهل هذه البلاد ، وأتتني رسلهم

1.۲ / ۸۶

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6307
صفحه از 512
پرینت  ارسال به