195
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

زياد فإذا فيه :

أمّا بعد؛ فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي ، ولا تنزله إلّا بالعراء في غير حصن وعلى غير ماء ، فقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتّى يأتيني بإنفاذك أمري ، والسلام .
فلمّا قرأ الكتاب قال لهم الحرّ : هذا كتاب الأمير عبيد اللَّه يأمرني أن اُجعجع بكم في المكان الذي يأتي كتابه ، وهذا رسوله وقد أمره ألّا يفارقني حتّى اُنفّذ أمره .

فنظر يزيد بن المهاجر الكناني - وكان مع الحسين عليه السلام - إلى رسول ابن زياد فعرفه ، فقال له يزيد : ثكلتك اُمّك ، ماذا جئت فيه؟ قال : أطعت إمامي ووفيت ببيعتي ، فقال له ابن المهاجر : بل عصيتَ ربَّك وأطعت إمامك في هلاك نفسك وكسبت العار والنار ، وبئس الإمام إمامك! قال اللَّه عزّ من قائل :۱«وَ جَعَلْنَهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَ يَوْمَ الْقِيَمَةِ لَا يُنصَرُونَ» ، فإمامك منهم .
وأخذهم الحرّ بالنزول في ذلك المكان على غير ماء ولا قرية ، فقال له الحسين عليه السلام : دعنا - ويحك - ننزل في هذه القرية أو هذه - يعني نينوى والغاضرية - أو هذه - يعني شفنة - قال : لا واللَّه ، ما أستطيع ذلك ، هذا رجل قد بعث إليَّ عيناً عليَّ ، فقال له زهير بن القين : إنّي واللَّه ، ما أراه يكون بعد هذا الذي ترون إلّا أشدّ ممّا ترون ، يا ابن رسول اللَّه ، إنّ قتال هؤلاء الساعة أهون علينا من قتال من يأتينا بعدهم ، فلعمري ، ليأتينا بعدهم ما لا قبل لنا به .

فقال الحسين عليه السلام : ما كنت لأبدأهم بالقتال ، ثمّ نزل ، وذلك يوم الخميس ، وهو اليوم الثاني من المحرّم سنة إحدى وستّين .

فلمّا كان من الغد قدم عليهم عمر بن سعد بن أبي وقّاص من الكوفة في أربعة آلاف فارس ، فنزل بنينوى وبعث إلى الحسين عليه السلام عروة بن قيس الأحمسي ، فقال له : ائته فسله ما الذي جاء بك؟ وماذا تريد؟ وكان عروة ممّن كتب إلى الحسين عليه السلام فاستحيا منه أن يأتيه ، فعرض ذلك على الرؤساء الذين كاتبوه ، فكلّهم ۲أبى ذلك

1.۲ / ۸۴

2.۲ / ۸۵


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
194

راجعون ، واللَّه! ما خرجت من الكوفة إلّا كراهية أن يدخلها الحسين وأنا بها ، واللَّه ، ما اُريد أن أراه ولا يراني! فأتاه الرسول فأخبر ، فقام الحسين عليه السلام ۱فجاء حتّى دخل عليه فسلّم وجلس ، ثمّ دعاه إلى الخروج معه ، فأعاد عليه عبيد اللَّه بن الحرّ تلك المقالة واستقاله ممّا دعاه إليه ، فقال له الحسين عليه السلام : فإن لم تنصرنا فاتّق اللَّه أن تكون ممّن يقاتلنا ، واللَّه ، لا يسمع واعيتنا أحدٌ ثمّ لا ينصرنا إلّا هلك ، فقال : أمّا هذا فلا يكون أبداً إن شاء اللَّه ، ثمّ قام الحسين عليه السلام من عنده حتّى دخل رحله .

ولمّا كان في آخر الليل أمر فتيانه بالاستقاء من الماء ، ثمّ أمر بالرحيل ، فارتحل من قصر بني مقاتل ، فقال عقبة بن سمعان : سرنا معه ساعة فخفق وهو على ظهر فرسه خفقة ، ثمّ انتبه ، وهو يقول : إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون ، والحمد للَّه ربّ العالمين ، ففعل ذلك مرّتين أو ثلاثاً ، فأقبل إليه ابنه عليّ بن الحسين عليهما السلام على فرس فقال : مِمَّ حمدت اللَّه واسترجعت؟

فقال : يا بني ، إنّي خفقت خفقة فعنّ لي فارس على فرس وهو يقول : القوم يسيرون والمنايا تسير إليهم ، فعلمت أنّها أنفسنا نعيت إلينا .
فقال له : يا أبتِ لا أراكَ اللَّه سوءاً ، ألسنا على الحقّ؟ قال : بلى ، والذي إليه مرجع العباد .

قال : فإنّنا إذا لا نبالي أن نموت محقّين ، فقال له الحسين عليه السلام : جزاك اللَّه من ولد خير ما جزى ولداً عن والده .

فلمّا أصبح نزل فصلّى الغداة ، ثمّ عجّل الركوب ، فأخذ يتياسر بأصحابه يريد أن يفرّقهم ، فيأتيه الحرّ بن يزيد فيردّه وأصحابه ، فجعل إذا ردّهم نحو الكوفة ردّاً شديداً امتنعوا عليه فارتفعوا ، فلم ۲يزالوا يتياسرون كذاك حتّى انتهوا إلى نينوى - المكان الذي نزل به الحسين عليه السلام - فإذا راكب على نجيب له عليه السلاح متنكّب قوساً مقبل من الكوفة ، فوقفوا جميعاً ينتظرونه ، فلمّا انتهى إليهم سلّم على الحرّ وأصحابه ولم يسلّم على الحسين وأصحابه ، ودفع إلى الحرّ كتاباً من عبيد اللَّه بن

1.۲ / ۸۲

2.۲ / ۸۳

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6320
صفحه از 512
پرینت  ارسال به