193
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

عليها ، ما تركت ذكر اُمّه بالثكل كائناً من كان ، ولكن واللَّه ما لي إلى ذكر اُمّك من سبيل إلّا بأحسن ما يقدر عليه!

فقال له الحسين عليه السلام : فما تريد؟ قال : اُريد أن أنطلق بك إلى الأمير عبيد اللَّه بن زياد ، قال : إذا واللَّه لا أتبعك ، قال : إذا واللَّه لا أدعك . فترادّا القول ثلاث مرّات .
فلمّا كثر الكلام بينهما قال له الحرّ : إنّي لم اُؤمر بقتالك ، إنّما اُمرت ألّا اُفارقك حتّى أقدمك الكوفة ، فإذ أبيت فخذ طريقاً لا يدخلك الكوفة ولا يردّك إلى المدينة ، تكون بيني وبينك نصفاً ، حتّى أكتب إلى الأمير ، وتكتب إلى يزيد أو إلى عبيد اللَّه ، فلعلّ اللَّه إلى ذلك أن يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أبتلى ۱بشي‏ء من أمرك ، فخذ هاهنا .

فتياسر عن طريق العذيب والقادسية ، وسار الحسين عليه السلام وسار الحرّ في أصحابه يسايره وهو يقول له : يا حسين ، إنّي اُذكّرك اللَّه في نفسك ، فإنّي أشهد لئن قاتلت لتقتلنّ .

فقال له الحسين عليه السلام : أفبالموت تخوّفني؟ وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني؟ وسأقول كما قال أخو الأوس لابن عمّه ، وهو يريد نصرة رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله فخوّفه ابن عمّه وقال : أين تذهب؟ فإنّك مقتول ، فقال :

سَأَمضي فما بالموتِ عارٌ على الفتى‏إذا ما نَوى حقّاً وجاهدَ مسلما
وآسى الرجالَ الصالحينَ بنفسِهِ‏وفارقَ مَثبوراً وباعد مجرما
فإن عشتُ لم اُندم وإن متُّ لم اُلم‏كفى بك ذلاًّ أن تعيشَ وتُرغما
فلمّا سمع ذلك الحرّ تنحّى عنه ، فكان يسير بأصحابه ناحية ، والحسين عليه السلام في ناحية اُخرى ، حتّى انتهوا إلى عذيب الهجانات .

ثمّ مضى الحسين عليه السلام حتّى انتهى إلى قصر بني مقاتل فنزل به ، فإذا هو بفسطاط مضروب ، فقال : لمن هذا؟ فقيل : لعبيد اللَّه بن الحرّ الجعفي ، فقال : ادعوه إليَّ فلمّا أتاه الرسول قال له : هذا الحسين بن عليّ يدعوك ، فقال عبيد اللَّه : إنّا للَّه وإنّا إليه

1.۲ / ۸۱


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
192

أحد منهم بكلمة .

فقال للمؤذّن : أقم فأقام الصلاة ، فقال للحرّ : أتريد أن تصلّي بأصحابك؟ قال : لا ، بل تصلّي أنت ونصلّي بصلاتك ، فصلّى بهم الحسين بن عليّ عليهما السلام ، ثمّ دخل فاجتمع إليه أصحابه وانصرف الحرّ إلى مكانه الذي كان فيه ، فدخل خيمة قد ضربت له واجتمع إليه جماعة من أصحابه ، وعاد الباقون إلى صفّهم الذي كانوا فيه فأعادوه ، ثمّ أخذ كلّ رجل منهم بعنان دابّته وجلس في ظلّها .

فلمّا كان وقت العصر أمر الحسين بن عليّ عليه السلام أن يتهيّؤوا للرحيل ففعلوا ، ثمّ أمر مناديه فنادى بالعصر وأقام ، فاستقام الحسين عليه السلام فصلّى بالقوم ، ثمّ سلّم وانصرف إليهم بوجهه ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :

أمّا بعد؛ أيّها الناس ، فإنّكم إن تتّقوا اللَّه وتعرفوا الحقّ لأهله يكن أرضى للَّه عنكم ، ونحن أهل بيت محمّد ، وأولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم، والسائرين فيكم بالجور والعدوان، ۱وإن أبيتم إلّا كراهية لنا والجهل بحقّنا ، فكان رأيكم الآن غير ما أتتني به كتبكم ، وقدمت به عليّ رسلكم ، انصرفت عنكم .

فقال له الحرّ : أنا واللَّه ما أدري ما هذه الكتب والرسل التي تذكر ، فقال الحسين عليه السلام لبعض أصحابه : يا عقبة بن سمعان ، أخرج الخرجين اللذين فيهما كتبهم إليَّ ، فأخرج خرجين مملوءين صحفاً ، فنثرت بين يديه ، فقال له الحرّ : إنّا لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك ، وقد اُمرنا إذا نحن لقيناك ألّا نفارقك حتّى نقدمك الكوفة على عبيد اللَّه .

فقال له الحسين عليه السلام : الموت أدنى إليك من ذلك ، ثمّ قال لأصحابه : قوموا فاركبوا ، فركبوا وانتظر حتّى ركب نساؤهم ، فقال لأصحابه : انصرفوا ، فلمّا ذهبوا لينصرفوا حال القوم بينهم وبين الانصراف ، فقال الحسين عليه السلام للحرّ : ثكلتك اُمّك ، ما تريد؟

فقال له الحرّ : أما لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل الحال التي أنت

1.۲ / ۸۰

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6339
صفحه از 512
پرینت  ارسال به