191
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

فأخذ إليه ذات اليسار وملنا معه ، فما كان بأسرع من أن طلعت علينا هوادي الخيل فتبيّناها وعدلنا ، فلمّا رأونا عدلنا عن الطريق عدلوا إلينا كأنّ أسنّتهم اليعاسيب ، وكأنّ راياتهم أجنحة الطير ، فاستبقنا إلى ذي حسمى ، فسبقناهم إليه ، وأمر الحسين عليه السلام بأبنيته فضُرِبَت .

۱وجاء القوم زهاء ألف فارس مع الحرّ بن يزيد التميمي حتّى وقف هو وخيله مقابل الحسين عليه السلام في حرّ الظهيرة ، والحسين وأصحابه معتمّون متقلّدوا أسيافهم .
فقال الحسين عليه السلام لفتيانه : اسقوا القوم وارووهم من الماء ، ورشّفوا الخيل ترشيفاً ، ففعلوا وأقبلوا يملؤون القصاع والطساس من الماء ، ثمّ يدنونها من الفرس ، فإذا عبّ فيها ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً عزلت عنه وسقوا آخر ، حتّى سقوها كلّها .

فقال عليّ بن الطعّان المحاربي : كنت مع الحرّ يومئذ فجئت في آخر من جاء من أصحابه، فلمّا رأى الحسين عليه السلام ما بي وبفرسي من العطش، قال: أنخ الراوية - والراوية عندي السقاء - ثمّ قال : يا ابن أخي أنخ الجمل ، فأنخته ، فقال : اشرب ، فجعلت كلّما شربت سال الماء من السقاء ، فقال الحسين عليه السلام : اخنث السقاء ، أي اعطفه ، فلم أدرِ كيف أفعل؟ فقام فخنثه ، فشربت وسقيت فرسي .

وكان مجي‏ء الحرّ بن يزيد من القادسية ، وكان عبيد اللَّه بن زياد بعث الحصين بن نمير وأمره أن ينزل القادسية ، وتقدّم الحرّ بين يديه في ألف فارس يستقبل بهم حسيناً ، فلم يزل الحرّ مواقفاً للحسين عليه السلام حتّى حضرت صلاة الظهر ، وأمر الحسين الحجّاج بن مسرور أن يؤذّن ، فلمّا حضرت الإقامة خرج الحسين عليه السلام ۲في إزار ورداء ونعلين ، فحمد اللَّه وأثنى عليه ، ثمّ قال :

أيّها الناس ، إنّي لم آتكم حتّى أتتني كتبكم وقدمت عليَّ رسلكم : أن أقدم علينا فإنّه ليس لنا إمام ، لعلّ اللَّه أن يجمعنا بك على الهدى والحقّ ، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم فاعطوني ما أطمئنّ إليه من عهودكم ومواثيقكم ، وإن لم تفعلوا وكنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكم ، فسكتوا عنه ولم يتكلّم

1.۲ / ۷۸

2.۲ / ۷۹


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
190

وإنّما فعل ذلك؛ لأنّه عليه السلام علم أنّ الأعراب الذين اتّبعوه إنّما اتّبعوه وهم يظنّون أنّه يأتي بلداً قد استقامت له طاعة أهله ، فكره أن يسيروا معه إلّا وهم يعلمون على ما يقدمون .

فلمّا كان السحر أمر أصحابه فاستقوا ماء وأكثروا ، ثمّ سار حتّى مرّ ببطن العقبة فنزل عليها ، فلقيه شيخ من بني عكرمة يقال له : عمرو بن لوذان ، فسأله : أين تريد؟ فقال له الحسين عليه السلام : الكوفة .

فقال الشيخ : أنشدك اللَّه لمّا انصرفت ، فواللَّه ، ما تقدم إلّا على الأسنّة وحدّ السيوف ، وإنّ هؤلاء الذين بعثوا إليك ، لو كانوا كفوك مؤونة القتال ، ووطّؤوا لك الأشياء فقدمت عليهم ، كان ذلك رأياً ، فأمّا على هذه الحال التي تذكر فإنّي لا أرى لك أن تفعل .

فقال له : يا عبداللَّه ، ليس يخفى عليَّ الرأي ، ولكن اللَّه تعالى لا يغلب على أمره ، ثمّ قال عليه السلام : واللَّه ، لا يدعوني حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ، فإذا فعلوا سلّط اللَّه عليهم من يذلّهم حتّى يكونوا أذلّ فرق الاُمم .

ثمّ سار عليه السلام من بطن العقبة حتّى نزل شراف ، فلمّا كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فأكثروا ، ثمّ سار منها حتّى ۱انتصف النهار ، فبينا هو يسير إذ كبّر رجل من أصحابه فقال له الحسين عليه السلام : اللَّه أكبر! لِمَ كبّرت؟ قال : رأيت النخل ، فقال له جماعة من أصحابه : واللَّه ، إنّ هذا المكان ما رأينا به نخلة قطّ .

فقال الحسين عليه السلام : فما ترونه؟ قالوا : نراه واللَّه آذان الخيل ، قال : أنا واللَّه أرى ذلك ، ثمّ قال عليه السلام : ما لنا ملجأ نلجأ إليه فنجعله في ظهورنا ، ونستقبل القوم بوجه واحد؟ فقلنا : بلى ، هذا ذو حسمى‏۲ إلى جنبك ، تميل إليه عن يسارك ، فإن سبقت إليه فهو كما تريد .

1.۲ / ۷۷

2.في بعض المقاتل «ذو حسم» .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6341
صفحه از 512
پرینت  ارسال به