189
موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)

ممسياً ، فجئناه حين نزل فسلّمنا عليه فردّ علينا السلام ، فقلنا له : رحمك اللَّه ، إنّ عندنا خبراً إن شئت حدّثناك علانية ، وإن شئت سرّاً؟

فنظر إلينا وإلى أصحابه ، ثمّ قال : ما دون هؤلاء ستر .
فقلنا له : رأيت الراكب الذي استقبلته عشيّ أمس؟ قال : نعم ، وقد أردت مسألته ، فقلنا : قد واللَّه استبرأنا لك خبره ، وكفيناك مسألته ، وهو امرؤ منّا ذو رأي وصدق وعقل ، وإنّه حدّثنا أنّه لم يخرج من الكوفة حتّى قُتِلَ مسلم وهانئ ، ورآهما يجرّان في السوق بأرجلهما .

فقال : إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون ، رحمة اللَّه عليهما ، ۱يكرّر ذلك مراراً .
فقلنا له : ننشدك اللَّه في نفسك وأهل بيتك إلّا انصرفت من مكانك هذا ، فإنّه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة ، بل نتخوّف أن يكونوا عليك . فنظر إلى بني عقيل فقال : ما ترون فقد قتل مسلم؟ فقالوا : واللَّه ، لا نرجع حتّى نصيب ثأرنا أو نذوق ما ذاق ، فأقبل علينا الحسين عليه السلام وقال : لا خير في العيش بعد هؤلاء .
فعلمنا أنّه قد عزم رأيه على المسير ، فقلنا له : خارَ اللَّه لك ، فقال : رحمكما اللَّه .
فقال له أصحابه : إنّك واللَّه ، ما أنت مثل مسلم بن عقيل ، ولو قدمت الكوفة لكان الناس إليك أسرع .

فسكت ، ثمّ انتظر حتّى إذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه : أكثروا من الماء فاستقوا وأكثروا ، ثمّ ارتحلوا ، فسار حتّى انتهى إلى زبالة ، فأتاه خبر عبداللَّه بن يقطر ، فأخرج إلى الناس كتاباً فقرأه عليهم :
بسم اللَّه الرحمن الرحيم ، أمّا بعد؛ فإنّه قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل ، وهانئ بن عروة ، وعبداللَّه بن يقطر ، وقد خذلنا شيعتنا ، فمن أحبّ منكم الانصراف فلينصرف غير حرج ، ليس عليه ذمام .

فتفرّق الناس عنه وأخذوا يميناً وشمالاً ، حتّى بقي في أصحابه ۲الذين جاؤوا معه من المدينة ، ونفر يسير ممّن انضووا إليه .

1.۲ / ۷۵

2.۲ / ۷۶


موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
188

فطرح كلّ إنسان منّا ما في يده حتّى كأنّ على رؤوسنا الطير .
فقالت له امرأته : سبحان اللَّه! أَيَبعَثُ إليك ابن رسول اللَّه ثمّ لا تأتيه؟! لو أتيته فسمعت من كلامه ، ثمّ انصرفت .
فأتاه زهير بن القين ، فما لبث أن جاء مستبشراً قد أشرق وجهه ، فأمر بفسطاطه وثقله ورحله ومتاعه فقوّض وحمل إلى الحسين عليه السلام ، ثمّ قال لامرأته : أنتِ طالق ، الحقي بأهلك ، فإنّي لا اُحبّ أن يصيبك بسببي إلّا خير .
ثمّ قال لأصحابه : من أحبّ منكم أن يتبعني ، وإلّا فهو آخر العهد ، إنّي ساُحدّثكم حديثاً : إنّا غزونا البحر ، ففتح اللَّه علينا وأصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان الفارسي رضى اللَّه عنه : أفرحتم بما فتح اللَّه عليكم ، وأصبتم من الغنائم؟ فقلنا : نعم ، فقال : إذا أدركتم شباب آل محمّد فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معهم ممّا أصبتم اليوم من الغنائم . فأما أنا فأستودعكم اللَّه . قالوا : ثمّ واللَّه ، ما زال في القوم مع الحسين عليه السلام حتّى قُتِلَ رحمة اللَّه عليه .

وروى عبداللَّه بن سليمان والمنذر بن المشمعل الأسديّان ، قالا : لمّا قضينا حجّنا لم تكن لنا همّة إلّا اللحاق بالحسين عليه السلام في الطريق ، لننظر ما يكون من أمره ، فأقبلنا ترقل بنا ۱نياقنا مسرعين حتّى لحقنا بزرود ، فلمّا دنونا منه إذا نحن برجل من أهل الكوفة قد عدل عن الطريق حين رأى الحسين عليه السلام ، فوقف الحسين كأنّه يريده ، ثمّ تركه ومضى ، ومضينا نحوه ، فقال أحدنا لصاحبه : اذهب بنا إلى هذا لنسأله فإنّ عنده خبر الكوفة ، فمضينا حتّى انتهينا إليه فقلنا : السلام عليك ، فقال : وعليكم السلام ، قلنا : ممّن الرجل؟ قال : أسديّ ، قلت : ونحن أسديّان ، فمن أنت؟ قال : أنا بكر بن فلان ، وانتسبنا له ثمّ قلنا له : أخبرنا عن الناس وراءك ، قال : نعم ، لم أخرج من الكوفة حتّى قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ، ورأيتهما يجرّان بأرجلهما في السوق .

فأقبلنا حتّى لحقنا الحسين (صلوات اللَّه عليه) فسايرناه حتّى نزل الثعلبية

1.۲ / ۷۴

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسین علیه السّلام فی الکتاب و السّنّة و التّاریخ (المقاتل)
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمود الطباطبائي نژاد، السيّد روح الله السيّد طبائي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/08/1393
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6348
صفحه از 512
پرینت  ارسال به